النطق بالتوحيد عند الموت

عن الأغر أبي مسلم أنه شهد على أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما أنهما شهدا على النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قال العبد: لا إله إلا الله، والله أكبر قال الله عز وجل: صدق عبدي، لا إله إلا أنا، وأنا أكبر، وإذا قال العبد: لا إله إلا الله وحده، قال: صدق عبدي، لا إله إلا أنا وحدي، وإذا قال: لا إله إلا الله لا شريك له، قال: صدق عبدي، لا إله إلا أنا، ولا شريك لي، وإذا قال: لا إله إلا الله له الملك وله الحمد قال: صدق عبدي، لا إله إلا أنا، لي الملك ولي الحمد، وإذا قال: لا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله قال: صدق عبدي، لا إله إلا أنا، ولا حول ولا قوة إلا بي، من رزقهن عند موته لم تمسه النار) أخرجه الترمذي وابن ماجة وابن حبان وأبو يعلى في مسنده وعبد بن حميد في المنتخب، وقال الترمذي: حديث حسن غريب، وقال الألباني: إسناده صحيح.

وفي رواية أخرى زيادة: (ومن قال في مرضه -يعني: ذلك كله- ثم مات لم يدخل النار) وإسناده جيد.

هذا الحديث ينبئ أن الإنسان إذا وفق إلى النطق بهؤلاء الكلمات عند حضور الموت وعند انقضاء الأجل، فإن هذه عصمة له من النار، فهذه إحدى علامات حسن الخاتمة، فعلى الإنسان أن يحفظ هذه الأذكار ليختم به حياته، أو إذا شاهد رجلاً يحتضر وقد قارب الموت، فليلقنه هؤلاء الكلمات؛ طمعاً في هذا الثواب العظيم والفضل الجزيل.

(من رزقهن عند موته لم تمسه النار) أي: من وفق إليها عند موته لم تمسه النار.

فما من شك أن هذا العلم مما يحتاج إليه في أشد الأوقات صعوبة على الإنسان، وهذه اللحظة لا يوجد إنسان على وجه الأرض ينكر أنه لن تأتيه هذه اللحظة آجلاً أو عاجلاً.

إنك ميت وابن ميتٍ وذو نسبٍ في الهالكين عريق فكلٌ منا كما مات آباؤه وأجداده سوف تأتيه هذه اللحظة، فليستعد لها بما ينجيه من الأهوال التي بعدها، وأول ذلك أن يحفظ هذه الكلمات ويحفظها من يحبهم ومن يلوذون به، لعلهم ينجون بذلك، وجماع هذا الذكر أن يقول: لا إله إلا الله والله أكبر، لا إله إلا الله وحده، لا إله إلا الله لا شريك له، لا إله إلا الله له الملك وله الحمد، لا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

والتوفيق إلى النطق بهذه الكلمات عند الموت من علامات حسن الخاتمة.

ويقودنا الكلام في هذا الأمر إلى علامات أخرى مما يستأنس ويستدل بها على حسن خاتمة الإنسان، وقد بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعض هذه العلامات في جملة من الأحاديث الصحيحة، وأعظم هذه العلامات أن يوفق إلى النطق بهذه الأذكار.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان آخر كلامه لا إله الله دخل الجنة)، وعن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: (رأى عمر طلحة بن عبيد الله ثقيلاً، فقال: مالك يا أبا فلان! لعلك ساءتك ابنة عمك يا أبا فلان؟! -يعني: هل زوجتك ضايقتك فأنت ثقيل من أجل هذا؟ - قال: لا، وأثنى على أبي بكر، ثم قال: فإني سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً ما منعني أن أسأله عنه إلا القدرة عليه حتى مات، سمعته يقول: إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد عند موته إلا أشرق لها لونه، ونفس الله عنه كربته، فقال عمر: إني لأعلم ما هي.

قال: وما هي؟ قال: تعلم كلمة أعظم من كلمة أمر بها عمه عند الموت: لا إله إلا الله، قال طلحة: صدقت! هي والله هي).

أخرجه الإمام أحمد وإسناده صحيح.

فمن أعظم علامات حسن الخاتمة أن يوفق الإنسان للنطق بكلمة لا إله إلا الله؛ بحيث تكون آخر كلامه، والعلماء مختلفون هل يتمها فيقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله؟ والأقرب إلى الأحاديث أن يقتصر على شهادة التوحيد، فيكون آخر كلامه: لا إله إلا الله.

فمن حضر إنساناً يحتضر فعليه أن يلقنه إياها بلطف، فإذا حصل منه بعد أن نطق بكلمة التوحيد كلاماً آخر، فعليه أن يوجهه إلى تكرارها؛ حتى تكون آخر كلامه.

عرق جبين الإنسان عند الموت إحدى علامات حسن خاتمته؛ لحديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه: أنه كان بخراسان وعاد أخاً له وهو مريض، فوجده للموت، فإذا هو يعرق جبينه، فقال: الله أكبر، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (موت المؤمن بعرق الجبين)، فهذه علامة موت المؤمن، وهي أيضاً من علامات حسن الخاتمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015