عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله في حل ولا حرام).
وأغلب الناس الذين يُخاطَبون في مثل هذا الأمر يعلّلون فعلهم هذا بأنهم لا يقصدون الخيلاء، والحقيقة أن جميع الذين يتتبعون الموضة إنما يقصدون عمداً الخيلاء، وكذا الذين يطيلون ثيابهم بهيئة معينة إنما يقصدون بذلك الخيلاء.
وبالنسبة للحديث السابق: (من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله في حل ولا حرام) فهذا الوعيد أتى خاصة في الإسبال في الصلاة، وهذا لا يعني أن الإسبال خارج الصلاة ليس فيه وعيد، بل الوعيد متحقق كما في حديث أبي ذر وغيره.
وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يصلي وقد أسبل إزاره، فانصرف من صلاته وقال: (اذهب فتوضأ) فذهب فتوضأ، وأتى فصلى، فقال له: (اذهب فتوضأ) ففعل ذلك مرتين أو ثلاثاً، فحينئذٍ علم الرجل أنه فعل شيئاً كبيراً، فقال له: (إنك كنت تصلي وأنت مسبل إزارك) أو كما قال صلى الله عليه وآله وسلم، وأراد بهذا أن ينبهه؛ لأنه ارتكب شيئاً غير صحيح وهو إسبال الإزار في الصلاة.
وهناك أمر منتشر بين كثير من الشباب، والدافع له غير معروف حتى الآن، وربما فعل أحدهم ذلك فقلّده العشرات، وتلقاه جيل عن جيل، وهو أن البعض يلبس بنطلوناً طويلاً، أي: سروالاً قد أسبله، فإذا أراد الصلاة شمّر هذا البنطلون من أسفل؛ حتى يخرج من الوعيد الوارد في هذا الحديث، ويصلي وهو غير مسبل لسرواله، ونقول لهذا: إنما تخدع نفسك لسببين: أولاً: هذا التصرف فيه كثير من المغالطات؛ لأنك منهيّ عن الإسبال، سواء داخل الصلاة أو خارج الصلاة، فالأصل أن البنطلون أو السروال يكون إلى الكعبين على أقصى مسافة مباحة، وما عدا ذلك فهو غير جائز؛ لأنه من المخيلة.
ثانياً: أنك بهذا الفعل كالمستجير من الرمضاء بالنار! تريد أن تفرّ من الوعيد في حق الذي يصلي وهو مسبل إزاره فتقع في مخالفة نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التشمير في الصلاة، حتى أنه في الحديث: (رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً قد شمر كُمّ ثوبه وهو يصلي، فأتاه فبسط هذا الثوب وحله).
ونهى عن الكف في الصلاة، وهو الضم والتشمير.
فأنت تقع في مخالفة بتشمير طرف البنطلون أو الكُم.