رمي العلمانيين للدعاة إلى الله بكل قبيحة

يجب علينا أن نحاسب العلمانية ونزنها من حيث حقيقتها وواقعها الفعلي, لا من حيث ما تزعمه العلمانية من عدم عداء للدين، فإن العلمانيين يتسترون وراء ادعاء الإسلام، فهم يعرفون جيداً أنهم لو أظهروا الإلحاد والطعن في دين الإسلام، سيرجمون بالحجارة، فلابد من التستر وراء الأساليب الخادعة, لذلك نلاحظ من هؤلاء العلمانيين مغالطات كثيرة جداً، منها: أنهم يشنعون على أولياء الله، وعلى الدعاة إلى دين الله سبحانه وتعالى بأنهم يريدون أن يعودوا بنا إلى العصور الوسطى المظلمة!! فنقول لهم: أي قرون مظلمة؟! إن هذه القرون مظلمة عند أسيادكم في الغرب، وذلك حينما أذلت النصرانية الشعوب الأوروبية سواء بالإقطاع، أو بمحاكم التفتيش، أو بصكوك الغفران وبيع أماكن في الجنة، أو بالظلم والقهر، أو بالعقيدة الوثنية الشركية التي قدمتها لهم، أو بمقاومة الفطرة، أو بتحريم الطيبات، أو بالاستبداد الكنسي الذي كان يذل الجميع حتى الملوك, فمن أجل ذلك كرهوا الدين، ومن أجل ذلك كانت هذه العصور عصوراً مظلمة، وكل عصور أوروبا مظلمة؛ لأنها بعيدة عن منهج الله تبارك وتعالى ودينه، فالعصور المظلمة ليست عندنا، وإنما هي عند أسيادكم في أوروبا، فهم الذين كانوا في تلك العصور المظلمة لا يعرفون الاستحمام ولا التنظف, بينما كانت الدولة والحضارة الإسلامية هي القوة الأولى في العالم كله, وكانوا يوفدون أبناءهم إلى بلاد المسلمين، وإلى حواضر الإسلام؛ كي يتنوروا، ويتنظفوا، ويتعلموا كيف تكون الحضارة، وكيف يكون التقدم.

ومن ذلك أيضاً أن العلمانيين يقولون عن الدعاة إلى الله: يريدون أن يعيدونا إلى محاكم التفتيش! فنقول لهم: رمتني بدائها وانسلت، هل أقام المسلمون في يوم من الأيام محاكم للتفتيش؟ وهل عرف المسلمون أي نوع من أنواع القهر والإذلال للشعوب؟ وما الذي يحصل الآن في البوسنة والهرسك؟! وهنا نتذكر كلمة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، وذلك أن الفرس في إحدى المعارك مثلوا بالقتلى من المسلمين, فقطعوا الجثث ومثلوا بها، فلما رأى المسلمون ذلك حلف بعضهم لئن أمكنهم الله من الفرس ليفعلن مثلها، فبلغ ذلك أمير المؤمنين عمر رضي الله تعالى عنه، فغضب أشد الغضب وقال رضي الله تعالى عنه: متى كان لنا في الفرس أسوة! فالمسلمون لما حكموا العالم وكانت لهم الغلبة كانوا أكرم خلق الله سبحانه وتعالى، وكانوا أرحم الناس بالناس، ثم بعد هذا ترموننا بدائكم؟! من الذي يقيم محاكم التفتيش؟ ومن الذي يقيم المحاكم العسكرية الظالمة في كل بلاد العالم الإسلامي؟ ابحثوا عن محاكم التفتيش في تاريخكم القديم والحديث, وابحثوا عنها في عهود قريبة وبعيدة، وابحثوا عنها في عهد عبد الناصر وغيره من الطواغيت والجبابرة, ففي عهد عبد الناصر بلغ الطغيان والإرهاب والتخويف مبلغاً عظيماً، إلى حد أن تيتو في يوم من الأيام أتى ليزور مصر, فكان من عادتهم أن يحبسوا كل دعاة الإسلام فترة زيارته، خوفاً عليه, وكان الرعب قد ملأ قلوب الناس، حتى إن أحد الخطباء -من شدة الرعب والتخويف والإرهاب والبطش- خطب جمعة في أحد المساجد في أثناء زيارة تيتو، فكان يدعو في الخطبة ويقول: اللهم أهلك الكفرة والمشركين إلا تيتو!! وبلغ القهر إلى حد أن شكوى قدمت في تاجر في إحدى محافظات الصعيد، فوقف أمام الضابط ترتعد فرائصه, وكان مسلماً بالاسم, وأقسم للضابط، وأما نحن فيوم أن سدنا العالم لم تعرف البشرية إلا الرحمة والتسامح والسمو والأخلاق, فمحاكم التفتيش ليست في تراثنا, وليست في ماضينا، ولكنها في ماضيكم وحاضركم أنتم، والجميع يعرف ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015