إن أعدى أعداء العلمانية, والشيء الذي تحاربه بكل بطش وقوة وصراحة هو تطبيق الشريعة الإسلامية, سواء كان ذلك في الأحوال الشخصية، أو في المجتمع، أو في الدولة, فالعلمانية تتبنى الذميم الدعي، وتنفي نسب الابن الأصيل، وقد تؤمن ببعض الكتاب وذلك فيما يوافق هواها، وتكفر ببعض وذلك فيما خالف هواها، ولذلك فإن العلاقة الحتمية هي أنها تناصب الإسلام العداء، وأن يناصبها الإسلام العداء؛ لأنها تنازعه سلطانه الشرعي في قيادة سفينة المجتمع، وتوجيه دفته وفقاً لحكم الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وإلا وقع هذا المجتمع في حكم الجاهلية, فهذا هو أساس العلمانية: الفصل بين الدين وبين الحياة, وتحويل الدين إلى شيء مباح, فمن أراد أن يتدين فليتدين، لكن لا يكون ذلك إلّا في حدود نفسه, وفي نطاق المسجد، وأما نُظُم الحياة فلابد أن يعزل الإسلام عنها، ولذلك عبر عنها بعض العلماء بأنها أقصر الطرق الموصلة إلى الكفر.
إنّ الإسلام يعدّ الشرك في الحكم كالشرك في العبادة, يقول تبارك وتعالى في الحكم: {وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا} [الكهف:26]، وفي قراءة: (ولا تشرك في حكمه أحداً) , وفي العبادة قال: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف:110]، فهذا شرك وهذا شرك, ويقول ًتبارك وتعالى أيضاً: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ} [الأنعام:137] يعني: لما أطاعوهم في قتل الأولاد، واستحلوا ذلك، وقال عز وجل: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى:21].