المعركة التي يخرج الدجال بعدها

جاء عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حديث يخبر عن هول تلك المعركة، وعن الفدائية التي تكون في صفوف المسلمين، حتى إن مجموعات من المسلمين يتبايعون على القتال حتى الموت، ويكون القتال ثلاثة أيام متوالية، ويبدو أن أعداد المسلمين في تلك الأيام قليلة، قال عليه الصلاة والسلام: (تقوم الساعة والروم أكثر الناس) والروم هم الغربيون، والمسلمون يكونون قلة؛ ولذا ينتصرون عندما يصلهم المدد من بقية أهل الإسلام، ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة ثم قال: بيده هكذا ونحاها نحو الشام فقال: عدو يجمعون لأهل الإسلام ويجمع لهم أهل الإسلام -يعني: للحرب والقتال، وهذا يكون بعد الغدر الذي يحصل بعد قتل من رفع الصليب، ويقع التجهيز للملحمة بين الفريقين- قلت: الروم تعني؟ قال: نعم، ويكون عند ذاكم القتال ردة شديدة، فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة -يعني: مجموعة من المسلمين الفدائيين في أول يوم ينذرون أنفسهم لله، ويبذلون أنفسهم لقتال الروم إما أن يموتوا وإما أن يرجعوا غالبين- فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيفيء هؤلاء وهؤلاء -يعني: يرجع الروم ويرجع المسلمون، وكل غير غالب- وتفنى الشرطة -يعني: يستشهدون-، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت -مجموعة ثانية فدائية للموت في سبيل الله- لا ترجع إلا غالبة -يعني: إما أن ترجع غالبة وإما أن تموت- فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يمسوا فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة، فإذا كان اليوم الرابع نهد إليهم بقية أهل الإسلام -يعني: أتاهم المدد من بلاد المسلمين- فيجعل الله الدبرة عليهم، فيقتلون مقتلة -إما قال: لا يرى مثلها، وإما قال: لم ير مثلها- حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم فلا يخلفهم حتى يخر ميتاً -يعني: من شدة رائحة الجثث يموت الطائر الذي يمر بهم-، فيتعاد بنو الأب كانوا مائة فلم يبق منهم إلا الرجل الواحد، فبأي غنيمة يفرح أو أي ميراث يقسم؟! فبينما هم كذلك إذ سمعوا ببأس هو أكبر من ذلك فجاءهم الصريخ -المنادي-: إن الدجال قد خلفهم في ذراريهم، فيرفضون ما في أيديهم -أي: يرمونه-، فيبعثون عشرة فوارس طليعة يستطلعون الأمر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأعرف أسماءهم وأسماء أبائهم وألوان خيولهم، هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ أو من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ) رواه مسلم في صحيحه.

وفتح القسطنطينية المذكور في حديث الملحمة فسره حديث رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر؟ قالوا: نعم يا رسول الله! قال: لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق، فإذا جاءوها نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم، قالوا: لا إله الله والله أكبر فيسقط أحد جانبيها) هذا الحديث ما حدد اسم هذه المدينة، لكن وصفها بأن جانباً منها في البر، وجانباً منها في البحر، فعامة العلماء يقولون: المقصود بها القسطنطينية وهي الآن اسطنبول، لكن بعض العلماء المعاصرين رأى أن هذه المدينة قد تكون مدينة البندقية (فينيسيا) في إيطاليا، فإن انطباق هذا الوصف عليها أكثر من انطباقه على القسطنطينية (اسطنبول)؛ لأن البندقية هي المدينة التي تتخللها المياه، وجانب منها فعلاً في البر، وجزء كبير من بيوتها مبني في داخل البحر، فمن رأى اسطنبول ورأى البندقية يدرك أن البندقية أقرب إلى الوصف المذكور في هذا الحديث من القسطنطينية.

وفي هذا الحديث قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق) بعض العلماء قال: المحفوظ هو: (من بني إسماعيل)، وليس هناك إشكال سواء كانوا من بني إسماعيل أو من بني إسحاق، لكن هذه الرواية الثابتة فيها أنهم سبعون ألفاً من بني إسحاق، فلا يبعد أن يكون هذا دليلاً على دخول عدد كبير جداً من الغربيين في دين الإسلام في ذلك الزمان، فيسلمون ويكونون في جيوش المسلمين، بحيث إنهم يغزون هذه المدينة، وهذا ليس بمستبعد، حتى أن محمد الفاتح العثماني ليس من بني إسماعيل، فهو تركي غير عربي، ومع ذلك هو الذي فتح القسطنطينية الفتح الأول، وكان أغلب الجيش العثماني من غير العرب، بل ما حمى الإسلام جيش مثل الجيش التركي الذي يسمى الآن في كتب التاريخ بالاستعمار العثماني أو الاحتلال التركي! وهذا من فعل أعداء المسلمين في تزييف التاريخ، ونفي أمجاد المسلمين، حتى يقضوا حتى على بقايا الشعور بالولاء أو المحبة أو الاعتزاز بذلك الماضي المجيد، فالآن تسمم عقول أولادنا في المدارس بوصف العثمانيين بأنهم المحتلون الأتراك، ويبغضونهم إلى الشباب بكل وسيلة ممكنة! يقول: (لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق، فإذا جاءوها نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم) يعني: يفتحون هذه المدينة بالتهليل وبالتكبير فإذا قالوا: لا إله إلا الله والله أكبر سقط أحد جانبيها، قال ثور - أحد رواة الحديث-: لا أعلمه إلا قال: (يسقط أحد جانبيها الذي في البحر، فيقولون الثانية: لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط جانبها الآخر، ثم يقولون الثالثة: لا إله إلا الله والله أكبر، فيفرج لهم فيدخلونها فيغنمون، فبينما هم يقتسمون الغنائم إذ جاءهم الصريخ فقال: إن الدجال قد خرج، فيتركون كل شيء ويرجعون).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015