إن القلب لا يتسع للبدعة والسنة، ولا يتسع للتوحيد والشرك، فإذا دخل أحدهما خرج الآخر، فلا يجتمعان لأنهما نقيضان، فالقلب الذي يمحص وينقى ولا يكون إلا للتوحيد والسنة لا يطيق أبداً خلاف ذلك، وبقدر ما يدخل من البدع في القلب بقدر ما يذهب من نور السنة.
والذي يرتبط بالقرآن كتاب الله، ويستقي الحكمة من كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تجد تعظيمه للقرآن وحبه للقرآن وشعوره بحلاوة القرآن ولذة مناجاة الله تبارك وتعالى حين يتلو كلامه أعظم بكثير ممن أخذ من ذلك بحظ قليل ثم ملأ قلبه بالشعر وبأقوال حكماء اليونان وحكماء الهند وكلام الفلاسفة والشعراء، فهذا الذي يملأ قلبه بهذه الأشياء يكون تأثره بالحكم الإلهية والنبوية أقل.
والإنسان حين يراقب نفسه وينقي نفسه ويكون عنده الاحتفال بعيدي المسلمين في يومين لا ثالث لهما: عيد الفطر وعيد الأضحى تجد شعوره بالفرحة في عيدي المسلمين -الأضحى والفطر- لا يكون كشعور من جعل بين كل عيد وعيد عيداً، كما يحصل في بلادنا من الأعياد السياسية، والأعياد الوطنية، والموالد الشركية، والبدع والضلالات، وكل يوم يطلع لنا فيه عيد معاندة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله أبدلكم بهما عيدين: عيد الفطر، وعيد الأضحى) فالبدل لا يجتمع مع المبدل منه.
والذي يحج إلى بيت الله الحرام فحسب، ويطوف بالكعبة فحسب، ويذبح لله فحسب هو إنسان توحيده أتم وأكمل وأنقى من هؤلاء الذين يتمرغون في الشرك ممن يحجون إلى البدوي والدسوقي، وتجد حب المرء من هؤلاء للكعبة ولبيت الله الحرام وللحج يضعف بلا شك؛ لأنه يعظم من دون الله هذه المشاهد وهذه القبور ويحج إليها، فأنت حين تطوف بالكعبة وحدها وحين تذبح الهدي لله فقط وحين تقف على عرفات وهكذا هل تستوي أنت ومن اتخذ من دون الله أنداداً، وطاف بقبورهم، وتمسح بأضرحتهم، وفعل هذه الشركيات التي ما أنزل الله بها من سلطان؟!