Q قرأت حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه: (إن بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة)، وإني لأظن -والله أعلم- أن هذه البقعة يجب أن تكون خير بقعة على الأرض، ولكن ذكرتم أنَّ خير بقعة على الأرض هي قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا كان كذلك فما حكم الكعبة المشرفة أيضاً؟
صلى الله عليه وسلم هذا الحديث غير صحيح، والذي يثبت هو قوله صلى الله عليه وسلم: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة)، وأما اللفظ السابق فلا يصح؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لم يكن يعلم أين يكون قبره، بل كان ذلك المكان في حياته هو حجرة عائشة، ثم صار قبراً له بعد موته، فلعل بعض الرواة غير المتقنين رواه بالمعنى فأخطأ في ذلك.
أما ظنك أن هذه البقعة يجب أن تكون خير بقعة على الأرض فليس بأمانيكم، فهذا خبر عن الرسول عليه الصلاة والسلام في شرف هذا المكان، فأنا نقلت عن العلماء أنهم -رغم اختلافهم في المفاضلة بين مكة والمدينة- متفقون على أن أفضل بقعة على وجه الأرض هي التي تضم جسد خير من وطئ هذه الأرض، وهو سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم، فخير بقعة على وجه الأرض هي التي تضم جسده الشريف صلى الله عليه وآله وسلم، ثم بعد ذلك يختلفون هل مكة أفضل من المدينة أم المدينة أفضل من مكة، والذي يظهر -والله أعلم- أن مكة أفضل من المدينة، ويكفي في فضل مكة المكرمة أن الصلاة في المسجد الحرام فيها بمائة ألف صلاة فيما سواه.
وهذا لا يعني أنّ الكعبة ليست مشرفة، أو أن مكة ليس لها شرف، وإنما هذه الترتيب النسبي ليس إلينا، ولكنه فضل الله تبارك وتعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ} [القصص:68].