وأخيراً فخرية بنت عثمان البكرية، وقد كانت من أسرة عظيمة الجاه، موفورة الغنى، ولكن ذلك لم يطب لها، فخرجت وتزهدت وتنسكت، وقلبت الراحة والمنام إلى الصلاة والقيام، وقنعت من العيش برغيف وقدح ماء، فذلك قوتها كل يوم، وكانت أشبه الناس بـ رابعة في الوحدة والدنيا والتزلف، هاجرت إلى بيت المقدس، وأقامت أربعين عاماً تقف الليل كله بباب المسجد الأقصى تصلي حتى يفتح الباب، فتكون أول داخل وآخر خارج.
وبعد: فإننا نهدي هذه الصور من سير النساء إلى إخواننا المسلمين ونقول: فلو كان النساء كمن ذكرنا لفضلت النساء على الرجال فما التأنيث لاسم الشمس عيب ولا التذكير فخر للهلال ونقول: أما لك في الرجال أسوة أتسبقك وأنت رجل نسوة وقد قيل: فذاك الفخر يا همم الرجال تعالي فانظري كيف التعالي نسأل الله عز وجل أن يجعلنا بالخير موصوفين، ولا يجعلنا له -فحسب- وصافين، وأن يرزقنا سهراً في طاعته ومناجاته، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.