ومنهن -أيضاً- ميمونة بنت شاكونة الواعظة، التي كانت للقرآن حافظة، فقد ذكرت يوماً في وعظها أن ثوبها الذي عليها -وأشارت إليه- له في صحبتها -أي: تلبسه- منذ سبع وأربعين سنة وما تغير، وأنه كان من غزل أمها، ثم قالت لتلامذتها: والثوب إذا لم يعص الله فيه لا يتخرق سريعاً.
وقال ابنها عبد الصمد: كان في دارنا حائط يريد أن ينقض، فقلت لأمي: ألا ندعو البناء ليصلح هذا الجدار؟ فأخذت رقعة فكتبت فيها شيئاً، ثم أمرتني أن أدعها في موضع من الجدار، فوضعتها، فمكث على ذلك عشرين سنة لم ينقض ولم ينهدم، فلما توفيت أردت أن أستعلم ما كتبت في الرقعة، فحين أخذتها من الجدار سقط، وإذا في الرقعة: ((إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا))، اللهم! ممسك السموات والأرض أمسكه.