رحلة العابدة تعظ المشفقين عليها

وأما رحلة العابدة -وهي مولاة معاوية - فقد دخل عليها نفر من القراء فكلموها في الرفق بنفسها، فقالت: مالي وللرفق بها، فإنما هي أيام مبادرة -أي: مسابقة- فمن فاته اليوم شيء لم يدركه غداً، والله -يا إخوتاه- لأصلين ما أقلتني جوارحي، ولأقومن له أيام حياتي، ولأبكين له ما حملت الماء عيناي، ثم قالت: أيكم يأمر عبده فيحب أن يقصر فيه؟ وقامت حتى أقعدت، وصامت حتى اسودت، وبكت حتى عمشت، وكانت تقول: علمي بنفسي قرح فؤادي وكلم قلبي، والله! لوددت أن الله لم يخلقني ولم أك شيئاً مذكوراً، وكانت تخرج إلى الساحل فتغسل ثياب المرابطين في سبيل الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015