الورع في الدماء

وعن الشعبي قال: كان مسروق إذا قيل له أبطأت عن علي وعن مشاهده -أي: يعاتبونه على عدم الخوض في القتال الذي جرى بين الصحابة- فيقول: أرأيتم لو أنه حين صف بعضكم لبعض فنزل بينكم ملك فقال: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء:29] أكان ذلك حاجزاً لكم؟ قالوا: نعم، قال: فوالله لقد نزل بها ملك كريم على لسان نبيكم، وإنها لمحكمة ما نسخها شيء.

وقال أيوب: قال مطرف: لأن آخذ بالثقة في القعود أحب إلي من أن ألتمس فضل الجهاد بالتغرير، يعني: أن أقعد عن الخروج وأنا واثق من سلامة موقفي في القعود، أحب إلي من أن يغرر بي أن هذا جهاد ولا يكون جهاداً، ومعنى ذلك: أنه لا يخرج لقتال أو جهاد إلا إذا كان واثقاً أنه جهاد في سبيل الله، أما إذا كان هناك احتمال التغرير به أنه قتال فتنة فلا.

وقال حميد بن هلال: أتت الحرورية -الخوارج- مطرف بن عبد الله يدعونه إلى رأيهم، فقال: يا هؤلاء! لو كان لي نفسان بايعتكم بإحداهما وأمسكت الأخرى، فإن كان الذي تقولون هدى أتبعتها الأخرى، وإن كان ضلالة هلكت نفس وبقيت لي نفس، ولكن هي نفس واحدة لا أغرر بها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015