إن هذه العبادات التي تؤدى في جماعة أشار القرآن إلى وجود تجمع المسلمين من أجل أدائها؛ لأن الجماعة تقيم ما لا يقيمه الفرد، فمثلاً: يقول تبارك وتعالى: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ} [التوبة:112]، فهذه أمور تتم في جماعة.
كذلك أيضاً يقول تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا} [الحج:77] أمر بصيغة الجمع، {وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمُ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} [الحج:77 - 78]، فإذا وقف المسلم بين يدي الله ليناجيه ويتضرع إليه لم تجر العبادة على لسانه كفرد منفصل عن إخوانه، بل كطرف من مجموع متفق مرتبط، فجميع المسلمين كل واحد منهم كأنه يتحدث بلسان كل من معه من إخوانه المصلين فيقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5]، ولا يقول: إياك أعبد.
وإنما تكون في جماعة.
ثم يسأل الله سبحانه وتعالى من خيره وهداه، فلا يختص نفسه بالدعاء، وإنما يعم جميع إخوانه، ويطلب رحمة الله له ولغيره {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة:6 - 7].