ثانياً: ينبغي أن يكون الذاكر على أكمل الصفات، فيكون فمه نظيفاً، فإن كان في فمه تغير أزاله بالسواك؛ لأن الذكر عبادة لسانية، فتنظيف الفم عند ذلك أدب حسن، ومن هنا جاءت السنة المتواترة بمشروعية السواك للصلاة؛ لأجل تنظيف المحل الذي يكون الذكر به في الصلاة، وهو الفم.
وعن أبي الجهيم رضي الله عنه قال: (أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل، فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم، حتى أقبل على الجدار فمسحه بوجهه ويديه، ثم رد عليه السلام) لأنه ما كان يستطيع أن يتوضأ في ذلك الوقت، فأراد أن يخفف الحدث بالتيمم، فاتجه إلى الجدار وتيمم، ثم رد عليه السلام حتى يكون على ما يستيطعه من طهارة ليذكر الله في السلام، ولأن السلام اسم من أسماء الله، ولفظ (وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته) فيه ذكر لفظ الجلالة، فاستحب لذلك أن يكون على طهارة بقدر المستطاع، فإذا كان هذا في مجرد رد السلام فلم يرد عليه حتى تيمم عليه الصلاة والسلام فكيف بذكر الله سبحانه وتعالى الذي هو أولى بذلك؟! وفي رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم قال لذلك الرجل: (كرهت أن أذكر الله إلا على طهر).