من أعظم وسائل تثبيت الإيمان في القلب الدعاء، يحافظ الإنسان على ورد ثابت من الدعاء يخلو فيه بربه، ويكثر من دعاء الله عز وجل، خاصة الأدعية التي فيها سؤال التثبيت على الدين، فالدعاء من أنفع الأسباب في حصول هذه الثمرات، كمثل قوله تبارك وتعالى حين علمنا: {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} [البقرة:250]، {رَبَّنَاْ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا} [البقرة:250].
وكان صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء: (يا مقلب القلوب! ثبت قلبي على دينك) فسأله الصحابة عن كثرة دعائه وسؤاله هذا السؤال فقال علية الصلاة والسلام: (إن قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفها كيف يشاء) حتى رسول الله عليه الصلاة والسلام يدعو بهذا الدعاء (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)! وفي الدعاء الآخر: (يا مصرف القلوب صرف قلبي إلى طاعتك)، وكان صلى الله عليه وسلم يدعو أيضاً: (يا ولي الإسلام وأهله مسكني الإسلام حتى ألقاك عليه)،وهذا أيضاً سؤال في الثبات على الدين، فالإنسان يثابر قدر استطاعته على الأعمال الصالحة، ويغتنم أوقات الإجابة وأماكن الإجابة وساعات الإجابة الكثيرة، وهي معروفة، سواء في جوف الليل أو في يوم عرفة مثلاً أو في يوم الجمعة؛ لأن في يوم الجمعة حديثاً يرجح أن ساعة الإجابة ترجى في آخر ساعة بعد صلاة العصر، وصح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أخبر أن هذه الساعة هي آخر ساعة بعد صلاة العصر وقال: (إن في هذا الوقت ساعة لا يوافقها عبد مسلم قائم يصلي إلا أجاب الله دعوته) ومعنى الحديث (قائم يصلي) ليس المراد به صلاة النافلة -مثلاً- بعد العصر؛ لأنه معروف الخلاف في ذلك وأن هذا وقت الكراهة، لكن (يصلي) أي: يدعو.
ولذلك كان بعض السلف يستحبون أن يمكث الإنسان في المسجد أو في المصلى ويدعو الله تبارك وتعالى في هذه الساعة، كقوله عليه الصلاة والسلام: (لأن أقعد مع قوم يذكرون الله حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعةً من ولد إسماعيل، ولأن أجلس مع قوم يذكرون الله بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة).