الدعوة السلفية بدأت في مصر منذ سنة (1975) أو (1976م)، والإخوان المسلمون كانوا في نفس الوقت موجودين، وكنا دائماً ندعو الإخوان أن يهتموا بالعلم والعقيدة ونحو ذلك, ورغم أن الإخوان كانوا موجودين قبلنا بخمسين سنة، ومع ذلك فإن الإخوان في الناحية العلمية ما زالوا في مكانهم، وللسلفيين بفضل الله سبحانه وتعالى مردود إيجابي للنشاط الدعوي العلني السلمي الذي سلكته الدعوة السلفية, وهو أثر واقعي واضح جداً في هذا الحصاد المبارك الذي انعكس في آثاره الميدانية على أمور كثيرة جداً من مجالات الحياة, مثل الاهتمام بطلب العلم, والالتزام بشريعة الإسلام, فهذا التغيير وهذه الأفكار الميدانية هي أثر مبارك لآثار هذه الدعوة، فالدعوة ليست عقيمة، ولا ينبغي أن ينظر إليها بنوع من الازدراء، بل بالعكس، فإن الدعوة السلمية العلنية التي نتبناها أثمرت ثماراً مباركة يلمسها القريب والبعيد حتى الإخوان المسلمين، فكان ينبغي لهم أن يستفيدوا من هذه التجربة, في يوم من الأيام ما كان لنا مسجد هنا غير مسجد عباد الرحمن، وهو الذي ولدت فيه الدعوة, وكنا نحارب ولا نجد مسجداً آخر, حتى مسجد عباد الرحمن هددنا فيه، وذهب بعضهم إلى الرجل الذي بنى المسجد وساوموه ليتخلص من الدعاة الذين فيه، ووعدوه أن يأتوه بدعاة حقيقيين، فصمد ولم يستجب لهم, فقد كنا في حالة غربة شديدة جداً، وكان عدد الإخوة قليلاً جداً نحو العشرة فقط في أول الأمر، إلى أن أذن الله سبحانه وتعالى بنشاط الدعوة فنمى الخير وتكاثر, وصار للدعوة أثر واقعي لا يستطيع أحد أن يجحده.
إذاً: الدعوة ليست نشاطاً عقيماً، بل الرصيد الحقيقي للدعوة هم أبناؤها المنتمون إليها، فكل واحد منهم يشكل لبنة, ويحمل عقيدة محددة، عندما تقول: أنا سلفي, فسلفي تساوي أنه يعتقد في الأسماء والصفات كذا, وفي القدر كذا, وموقفه في القضية الفلانية كذا, وموقفه من الفرق الضالة كذا إلى آخره، فتوجد قضايا محددة لا يمكن أن يختلف فيها سلفيان أبداً، التوحيد المنهج السلوك الاتباع وليس الابتداع رفض المظاهر الشركية ونحو ذلك, فالسلفية كلمة نوعية وراءها ما يدل على أن هذه اللبنات هي التي سوف يحترق قلبها على دعوة الإسلام, أما الاتجاه الثاني فليجربوا أكثر وأكثر، فنحن موقفنا مبني على أن الدعوة ليست عقيمة, بل هي دعوة مثمرة، وبركاتها -ولله الحمد- محسوسة وملموسة، فبالتالي رضينا بهذا الطريق، ونحن -والحمد لله- ماضون فيه، ونسأل الله أن يوفق الجميع.