قوله صلى الله عليه وسلم: (وهو وتر يحب الوتر)، الوتر: الفرد، ومعناه في صفة الله جل وعلا: الواحد الذي لا شريك له، ولا نظير له، المتفرد عن خلقه، البائن منهم بذاته وصفاته.
فهو سبحانه وتر، وجميع خلقه شفع، يعني: خلقوا أزواجاً، كما قال سبحانه وتعالى: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} [الذاريات:49]، فظاهرة الزوجية لازمة للمخلوقات، ففي الإنسان والطيور والحيوانات الذكر والأنثى، وفي كل شيء، ففي الكهرباء يوجد فيها سالب وموجب، وظاهرة الزوجية موجودة في النباتات، والأنهار يوجد فيها الذرات السالبة والموجبة، فإذاً: ظاهرة الزوجية موجودة في كل شيء، فالله وتر لا ثاني له، أما خلقه فهم أزواج، وشفع، قال تعالى: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} [الفجر:3].
فالمراد: أن الله يحب الوتر من كل شيء، وإن تعدد انتفى منه الوتر؛ ولذلك أمر بالوتر في كثير من الأعمال والطاعات، فالصلوات عددها خمس، فهي وتر، وكذلك وتر الليل، وأعداد مرات الطهارة، وتكفين الميت وتراً، وفي كثير من المخلوقات كالسماوات والأرض، فهذا ما تيسر من الفوائد المتعلقة بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن لله تسعة وتسعين اسماً، مائة إلا واحداً، لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة، وهو وتر يحب الوتر)، وفي رواية: (من أحصاها دخل الجنة).