بين النبي صلى الله عليه وسلم أن العلم يكون في تناقص، فبين في بعض الأحاديث أن من أشراط الساعة أن يظهر الجهل، ويرفع العلم، فإذا تأملنا واقع الناس اليوم وجدنا ظهور العلم الدنيوي، وانتشار الجهل بأمور الدين، حتى إنك تفاجأ أن من الناس من لا يعرف أصلاً أن الصلاة واجبة، يحكي لي قصة بدايته أن المواظبة على الصلاة كانت في سن الأربعين؛ لأنه وجد كتاباً عند أحد باعة الجرائد عنوانه: حكم تارك الصلاة، وكان وقتها لا يعلم حكم الصلاة، ففوجئ بأن الصلاة واجبة وفريضة، ولا ندري كيف نصدق أو نتخيل أن إنساناً يعيش في وسط المسلمين ثم يجهل أن الصلاة فريضة؟! بل هي عمود الدين الأعظم بعد التوحيد، فإنا لله وإنا إليه راجعون! وهذه فنانة تائبة تقول: إنها لم تكن تعرف أصلاً أن الحجاب واجب، وإنما كانت تعرف أن الحجاب شيء اختياري.
ومظاهر الغربة في الدين في هذا الزمان كلها ناشئة عن أن الجهل بالعلم الديني هو الذي يشيع، ومع اجتهاد الناس في تحصيل علوم الدنيا، ولو على حساب الدين، يقول صلى الله عليه وسلم: (إن الله يبغض كل جعظري جواظ، صخاب في الأسواق، جيفة بالليل، حمار بالنهار، عالم بأمر الدنيا، جاهل بأمر الآخرة)، فهو في غاية الاجتهاد في تعلم أمور الدنيا، فإن كان نجاراً فهو يعرف أنواع الخشب وكذا وكذا، وإن كان مهندساً في السيارات فهو يعرف جميع ماركات السيارات وخصائصها وكذا وكذا، بل من الناس من يحفظ أسماء لاعبي الفرق في كرة القدم، وتفاصيل حياتهم الشخصية في كل أقطار الأرض، وغير ذلك من هذه التفاهات، مع أن ذلك لا يغني عنه عند الله سبحانه وتعالى شيئاً.