يقول الله تبارك وتعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53].
اختلف العلماء في أي آية في القرآن أرجى، حتى يتعلق بها العصاة ويأملوا في رحمة ويطمعوا في كرم الله عز وجل.
ونشير إشارات سريعة إلى اختلاف العلماء في هذا الأمر.
قال بعض العلماء: إنها قوله تبارك وتعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} [فاطر:32] فقالوا: حق لهذه الواو أن تكتب بماء العين؛ لأن الواو تشمل هؤلاء جميعاً، فهذه أرجى آية في القرآن.
ومنهم من قال: إن أرجى آية في القرآن قوله تبارك وتعالى: {وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور:22] قال: لأن هذه الآية نزلت في مسطح لما خاض في حديث الإفك، فمنع أبو بكر عنه النفقة، فدلت هذه الآية على أن معصيته بقذف أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها لم تحبط هجرته في سبيل الله، فقالوا: هذه -أيضاً- من آيات الرجاء.
ومن العلماء من قال: إن أرجى آية في القرآن هي آية الدين، وهي أطول آية في القرآن، وذلك لأن الله عز وجل أنزل فيها تلك الأحكام الجامعة العظيمة من أجل حفظ حق المسلم ورعاية مصلحته، فدل على أن عناية الله ورحمته بعبده في الآخرة أوسع وأعظم من هذا بكثير.
وقال بعضهم: أرجى آية قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى:5]؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام سيشفع فيمن يستحق الشفاعة ويرضيه ربه تبارك وتعالى برحمتهم وإخراجهم من النار.