Q السابّ لدين الله ماذا عليه إذا أراد التوبة إلى الله عز وجل؟
صلى الله عليه وسلم إذا سب دين الإسلام فإنه يصبح مرتداً عن دين الله عز وجل، ولا يُعذر بالجهل، فإنه لا يجهل أحد وجوب تعظيم الله عز وجل، حتى اليهودي والنصراني! فلا أحد يجهل أن الله عز وجل يجب أن يُعظّم، فالسب والاستهزاء -والعياذ بالله- ردّة وخروج عن دين الإسلام، ويترتب على ذلك مباشرة أن ينفسخ عقد النكاح، ويجب التفريق بينه وبين زوجته، ثم يطبق عليه كثير من الأحكام مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (من بدل دينه فاقتلوه) يعني: أنه يستتاب، فإن تاب وإلا قُتل رِدّةً.
وكما أنه ينفسخ عقد نكاحه ويجب مفارقة زوجته له، فإنه أيضاً يفقد ولايته على أولاده، فلا يصلح أن يكون ولياً لابنته مثلاً في الزواج، ولا يرث أقاربه المسلمين، ولا يرثه أقاربه المسلمون، ولا يغسل ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، وتحبط أعماله في الدنيا والآخرة، ويكون من أهل جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، والعياذ بالله.
فإذا استتيب قبل موته وتاب توبة نصوحاً فإن الله يتوب عليه، وإلا فيُقتل؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (من بدّل دينه فاقتلوه)، وهذا الكلام على وجه العموم.
أما في الحالة الخاصة فينبغي التثبت؛ لأن بعض الناس قد يسبّ الدين لبذاءة عنده في اللسان، ولا يقصد به سب دين الإسلام، بل حسب الصياغة وحسب استعمال الكلمة في العرف، فإن الدين أحياناً يطلق على الطريقة أو المنهج أو الأسلوب لدى الإنسان، لكن ينبغي حينما يحذر الناس من هذا الأمر أن يكون الكلام عاماً؛ لترهيبهم من هذه المعصية الخطيرة، فعلى الأقل حتى لو كان الإنسان لا يقصد دين الإسلام، أو هو بذيء اللسان أو لم يقصد ذلك فيجب أن يعزره الإمام إذا لم يحكم بردته، وأمر هذا التمييز يكون إلى القاضي الشرعي، والله تعالى أعلم.
وحد الجلد لا يقيمه إلا الخليفة أو الحاكم المسلم، أو القاضي الشرعي، وليس لأحد من الرعية أن يقيم الحد؛ لأنه لو نُقلت إقامة الحدود إلى آحاد الرعية فسيحصل كثير من الهرج والفتن، وكل إنسان سينصّب من نفسه حاكماً، لكن إن وقع أن أحداً أقام حداً من الحدود في الدولة الإسلامية بدون إذن من الخليفة، فإنه إذا أصاب الحد موقعه ومن يستحقه بالفعل، وتم استيفاء الشروط فإنه يعزر لأنه افتأت على الإمام، يعني: لتجاوزه حده، وقيامه بسلطة غيره بدون إذنه، أما في حال غياب الدولة الإسلامية فإنه لا يوجد إمام حتى يفتئت عليه، كما يقوله بعض العلماء المعاصرين.
وعموماً فهذه أمور تخضع لقاعدة المصالح والمفاسد، فينبغي أن يرجع فيها إلى أهل الحل والعقد، أو أهل العلم والدعوة ووجهاء الناس ممن عندهم فقه وبصيرة بالأمور؛ لأن هذه الأشياء إذا حصل التهاون فيها فقد تحصل كثير من العواقب غير الحميدة، والله تعالى أعلم.