إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
ثم أما بعد: عباد الله! دنا رحيلكم، وقد بان سبيلكم، وقد نصحكم دليلكم، ودلكم على تجارة هي من أعظم التجارات مع الله عز وجل، فإن الله عز وجل قد أخبر بتجارة فقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الصف:10 - 11]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها).
ويقول القائل: أخي! إنما الدنيا كسوق تزينت وكل امرئ لابد يدخل سوقها سواء بهذا كارهاً أم راضيا ولابد من بيع ولابد من شرا ولابد يمشي رائحاً أو غاديا وسلعته الكبرى التي سيبيعها هي النفس لكن من يكون الشاريا فإن باعها لله أعتقها إذاً وكان له من جمرة النار واقيا وجنة ربي كانت الثمن الذي سيقبضه الإنسان فرحان راضيا وقد ربح البيع الذي تم عقده وجل الإله المشتري جل ربيا فنحن في هذه الدنيا في تجارة، وهذه التجارة إما أن تكون مع الله عز وجل وإما أن تكون مع الشيطان، والتاجر الناصح هو الذي ينظر في السلع، فيأخذ أخف هذه السلع مئونة وأعظمها ربحاً، ولاشك أن ذكر الله عز وجل من أعظم التجارات، وهو الباب المفتوح بين العبد وبين ربه، إلا أن يغلقه العبد بغفلته.
قال الحسن البصري: التمس الحلاوة في ثلاثة أشياء: في الصلاة، وفي الذكر، وفي تلاوة القرآن، فإن وجدتم وإلا فاعلموا أن الباب مغلق، فخبروني بالله عليكم: أي عمل أيسر من ذكر الله عز وجل يترتب عليه من الأجر ما يترتب على ذكر الله عز وجل؟!