الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فسنتكلم عن موضوع متعلق بمسألة فقهية ظاهرة، شاعت بين الناس في المعاملات العامة، والمعارض والنقابات، وشاع القول بإباحتها مطلقاً، وهي مسألة حكم بيع المرابحة وهناك حاجة ماسة إلى تحقيق القول في حكم بيع المرابحة للآمر بالشراء.
العلماء المعاصرون الذين صنفوا في هذا الموضوع يضطرون إلى ذكر هذا العنوان الطويل: (حكم بيع المرابحة للآمر بالشراء) كما تجريه البنوك الإسلامية في هذا العصر، ولماذا احتاجوا إلى هذا؟ لأن هناك اشتراكاً في لفظ المرابحة بين المرابحة التي عرفها الفقهاء الأقدمون، وتداولوا هذا المصطلح في كتبهم، وبين المرابحة في الوضع الحالي، فلأجل هذا التمييز ولإزالة هذا الاشتراك اللفظي اضطر كل من كتب في هذا الموضوع إلى ذكر هذا العنوان الطويل حتى تتميز المرابحة التي ذكرها العلماء فيما مضى واصطلحوا عليها عما يجري الآن، فيقولون: (بيع المرابحة للآمر بالشراء كما تجريه البنوك الإسلامية المعاصرة).
نبدأ أولاً بتحقيق الاسم نفسه؛ لأن الأسماء هي قوالب المعاني، فالتساهل في الأسماء قد يترتب عليه تطبيق أحكام على غير حقيقتها، فاسم المرابحة قد يختلط على بعض الناس مع بيع المرابحة المحرر عند متقدمي الفقهاء في باب بيوع الأمان، فمن أجل هذا الاشتراك اللفظي لابد أن نبين معناه عند الأقدمين، وقبل ذلك نمهد للموضوع، بأن نجري عملية استقرائية لأنواع البيوع، وهي على ثلاثة أنواع: بيع المساومة، وبيع الأمانة أو الأمان، وبيع المزايدة.