نشأت الأصولية النصرانية في القرن التاسع عشر الميلادي، حيث عقدت حلقات ومؤتمرات للبروتستانت المحافظين، وفي أحد المؤتمرات -وهو مؤتمر (نياجرا) - في سنة (1995م) ميلادية أعلنت أسس الحركة الأصولية، ولكن الكنائس البروتستانتية انشقت في أوائل القرن العشرين فصار أتباعها فريقين: الأصوليين، والعصرانيين، ثم في الفترة ما بين (1901م) إلى (1915م) نشر الأصوليون في أمريكا عدة كتابات بعنوان: (الأصوليات) واستعملت فيها عبارة (الأصوليين) للدلالة على العناصر المتمسكة بالتعاليم التقليدية، والأفكار المستوحاة من النصوص الإنجيلية، والاعتقاد بألوهية عيسى عليه السلام وعذرية ميلاده، وغير ذلك من الأفكار، واستطاعت هذه الجماعة استمالة أكثر من خمسين ألف شخص في بدايتها.
ثم انتقل مصطلح الأصولية إلى البلاد الإسلامية، حيث نقل الغربيون هذا المصطلح ووصفوا به طائفة من المسلمين، وهذا تقريباً من سنة (1395هـ) أو (1975م) حيث دخلت هذه الفترة بأحداث كثيرة منسوبة إلى من يعلنون الإسلام ويدعون إليه، واندلعت بعد هذه الفترة بسنوات الثورة المسماة بـ (الإيرانية) ووقعت -خاصة في المنظمات الشيعية في لبنان- أحداث كثيرة، وحصل من كثير من بعض المنظمات بعض الأشياء التي فيها تهديد لمصالح الغربيين، وبدأت هذه المذاهب أو هذه الجماعات تلتفت للمجتمع الغربي، وذلك لما بدأ الصدام مباشرة وبعض العمليات التي نفذت ضد الغربيين.
يقول رجل يدعى دكتور فثري كرايان: إن إطلاق اسم الأصوليين على العديد من الناس قد أصبح شائعاً في الكتابات السياسية والصحفية في السنوات الأخيرة.
ومع نهاية عام (1980م) التي هي حوالي (1400هـ) أو (1401هـ) كانت الصحف الأمريكية تنشر الكثير عما نسميه بالمد الأصولي، كما أن هذه الفترة شهدت تنامي الصحوة الإسلامية وظهور المظاهر الإسلامية كالحجاب واللحية والدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، وهذا كله جعل الغرب يعيش في حالة من القلق، إلى درجة دفعت ببعض الباحثين إلى وصفها بأنها حالة مرضية.
كما أن مصطلح (التطرف) -وهو مقابل في الاستعمال لكلمة (الأصولية) - استعمل أول ما استعمل في إسرائيل عندما بدأ المسلمون يعون ذاتيتهم ويعودون للإسلام، ووعوا أن الإسلام هو مصدر العزة والنصر.
وهذا ليس عليه برهان واضح، غير أن هناك دراسة وثائقية نشرت عام (1406هـ) بعنوان (عداء اليهود للحركة الإسلامية) فيها بعض ما ينشر في الصحف اليهودية وأذيع على الإذاعات الإسرائيلية، تذكر الأخبار التخوف الكبير من المتمسكين بالإسلام ووصمهم جميعاً بالتطرف، وبعض هذه الأخبار والمقالات متقدم في تاريخه، مما يشعر بأن اليهود من أوائل من استخدم مصطلح التطرف، وأنهم الذين أسسوه لتلامذتهم، ومعروف دور إذاعة لندن الخبيث في نشر مصطلح (الأصولية) ومقصودهم به كل ملتزم بالإسلام.
وعلى أية حال فسواء نشره اليهود أم غيرهم فمن المؤكد أن انتقال هذا المصطلح إنما كان عبر الإعلام الغربي الذي يتحدث عما أسماه.
ظاهرة الأصولية الإسلامية، متأثراً في تسميته هذه بالخلفية الموجودة عند الغربيين عن ظاهرة الأصولية النصرانية.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.