إذا أردنا أن نعرف معاني الألفاظ الشرعية فلابد من أن نرجع إلى اللغة العربية وإلى مقصود الشرع من هذه الألفاظ.
وهنا نقف عند بعض المصطلحات التي تتعلق بهذا البحث ونلخص معانيها من حيث اللغة.
أولاً: الغلو.
تدور الأحرف الأصلية لهذه الكلمة ومشتقاتها على معنى واحد يدل على مجاوزة الحد والقدر.
أي: كل ما جاوز حده وقدره فهذا هو الغلو، ويقال: غلا السعر يغلو -وذلك ارتفاعه- غلاء؛ وغلا الرجل في الأمر غلواً أي: جاوز حده وغلت القدر تغلي غلياناً، وغلت السهم غلواً: إذا رميت به أبعد مما تقدر عليه.
فالغلو هو مجاوزة الحد، يقال: غلا في الدين غلواً أي: تشدد وتصلب حتى جاوز الحد.
فهذا بالنسبة لكلمة الغلو.
ثانياً: التطرف.
هذه الكلمة تدور في اللغة على أحد أمرين: الأول حد الشيء.
الثاني: الحركة في بعض الأعضاء، يقال: ما بين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال ويقال: طرفت عينه.
أي: تحركت.
فمادة (طرف) تستعمل في حركة بعض الأعضاء، كما أن الطرف هو حد الشيء، وهذا هو المعنى الذي يهمنا في هذا البحث، وهو أن الطرف مأخوذ من حد الشيء وحافته، فالمراد من كلمة الطرف منتهى الشيء وغايته.
وكذا يقال: تطرفت الشمس.
أي: دنت للغروب، يقول الشاعر: دنا وقرن الشمس قد تطرفا وقال شمر: اعرف طرفه.
يعني: إذا طرده؛ لأنه إذا طرده يصل إلى غاية الشيء ومنتهاه ويخرج منه.
وكذلك يقال للناقة إذا رعت أطراف المرعى: طرفت الناقة.
أي: ذهبت إلى طرف البستان وأخذت تأكل من الحشائش فيه.
فالطرف هو منتهى كل شيء.
فإذاً: التطرف تفاعل من الطرف، يقال: تطرف يتطرف فهو متطرف.
وخلاصة الكلام أن الشخص إذا تطرف فقد تجاوز حد الاعتدال ولم يتوسط.
ثالثاً: التنطع.
التنطع هو البسط والملامسة، والتعمق في الكلام مأخوذ من النطع، والنطع هو التجويف الأعلى في الفم الذي يظهر عندما يتعمق الإنسان ويتشدق في الكلام، وعندما يتخلل بلسانه كما تتخلل البقرة، فيظل يتكلم حتى يظهر التجويف الذي في أعلى سقف الفم، ثم استعمل في كل تعمق، سواء أكان في القول أم في الفعل، فهذا معنى كلمة التنطع.
رابعاً: التشدد.
ومعناه القوة والصلابة، وشاده مشادة: غالبه وصارعه، وفي الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه) يعني: غلبه الدين.
خامساً: العنف.
وهو خلاف الرفق، والذي لا يقود الخيل برفق يسمى عنيفاً.