يقول الإمام النووي والإمام ابن قدامة: ويستحب أن يغطي رأسه حال قضاء الحاجة.
تغطية الرأس هي نوع من التعبير عن الحياء، فلقد كان السلف يستحيون أن يكشف أحدهم رأسه، وهذه المسألة ترجع إلى العرف، ففي بعض البلاد قد يقدح في مروءة الشخص إذا كان يكشف رأسه، وفي بعضها لا يقدح أن يكشف رأسه، فهذه الأمور ترجع إلى العرف، وأمور المروءة ليس فيها تحريم أو إثم، لكن يقولون في تعريف الرجل العدل: هو الذي لم يرتكب كبيرة، ولا يصر على صغيرة، ولا يأتي بفعل يخالف المروءة.
فالإنسان لابد أن يجتهد في مراعاة المروءات وأعراف الناس الذين يعيش بينهم؛ لأنه ليس كل شيء لابد أن يكون مثل حد السيف وفيه حلال وحرام ويكون عليه أدلة، لا.
فمثلاً: عندما نرى شخصاً يمضغ العلك في الشارع، نقول له: هذه الطريقة منفرة، فعلى الإنسان أن يراعي وقاره وهيئته ووجاهته، كذلك لو أن الإنسان مشى بإزار يستر ما بين سرته وركبته ففعله هذا ليس بحرام، لكن هل هذا من المروءة؟! لا ليس من المروءة.
فالشاهد أن على الإنسان أن يراعي ظروف المجتمع وعاداته ما لم تخالف كتاب الله عز وجل وسنة النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
حكي عن نافع أنه صلى وهو حاسر الرأس، فقال له ابن عمر: هل إذا خرجت إلى الناس كنت تخرج هكذا حاسر الرأس؟ فقال: لا، قال: فالله أحق أن يتزين له، أو فالله أحق أن يستحيا منه.
جاء في الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام قال للصحابي الجليل معاوية بن حيدة (احفظ عورتك إلا من أهلك أو ما ملكت يمينك) وحفظ الفروج يتضمن أمرين: حفظها عن المحرمات كالزنا وغير ذلك، وحفظها عن أن تكشف، فقال هذا الصحابي للنبي عليه الصلاة والسلام: (يا رسول الله! أرأيت إن كان أحدنا خالياً؟ - يعني: ليس معه أحد- فقال عليه الصلاة والسلام: فالله أحق أن يستحيا منه الناس) فحتى في حال الاختلاء يجتهد الإنسان ألا يتكشف.
يقول الإمام النووي رحمه الله: قال إمام الحرمين والغزالي والبغوي وآخرون: يستحب ألا يدخل الخلاء مكشوف الرأس، قال بعض أصحابنا: فإن لم يجد شيئاً وضع كمه على رأسه.
ثم قال: ويستحب ألا يدخل الخلاء حافياً.
روى البيهقي بإسناده حديثاً مرسلاً: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء لبس حذاءه وغطى رأسه) وهذا حديث مرسل ضعيف.
وروى البيهقي أيضاً عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء غطى رأسه، وإذا أتى أهله غطى رأسه) لكنه ضعيف أيضاً.
قال البيهقي: وروي في تغطية الرأس عند دخول الخلاء عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهو صحيح عنه.
يقول النووي: وقد اتفق العلماء على أن الحديث المرسل والضعيف والموقوف يتسامح به في فضائل الأعمال وهذا منها، وكلام الإمام النووي رحمه الله في حكاية اتفاق العلماء على هذا فيه نظر.