يقول عند دخوله: باسم الله، أعوذ بالله من الخبُث والخبائث، وقد جاء في بعض الروايات الجمع بين البسملة والاستعاذة بهذه الصيغة، وقيل: لا يصح الجمع بين البسملة والتعوذ في رواية واحدة، وأصح ما يستدل به على سنية التسمية في هذا الموضع هو حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدهم الخلاء أن يقول: باسم الله).
ومعنى ذلك: أن كلمة (باسم الله) تكون حجاباً بين الجن وبين ابن آدم في هذه الحال، بحيث لا يرون عورة الإنسان، مع أن من شأن الجن كما قال عز وجل: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ} [الأعراف:27]، فهم يروننا ونحن لا نراهم إلا إذا قال المسلم: باسم الله، فإنه يحال بين الجن وبين رؤية الإنسان، وهذا فيه تقوية الحياء في نفس المسلم في هذا الموضع حتى عن أعين الجن.
وفي رواية أخرى: (ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا وضع أحدهم ثوبه أن يقول: باسم الله).
وقوله: (إذا وضع أحدهم ثوبه) أعم من حال التخلي.
قال بعض العلماء: في هذا الموضع تقدم البسملة على التعوذ، خلافاً للقاعدة المعروفة في الصلاة وفي القراءة حيث يقدم التعوذ على البسملة، فالتعوذ في قراءة القرآن إنما هو لأجل القراءة، فتقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم؛ لأن البسملة من القرآن، فقدم التعوذ عليها، بخلاف تقدم البسملة على التعوذ هنا، فيقول أولاًً: باسم الله، ثم يقول: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث.
قوله: (اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث) الخبُث: بضم الباء جمع الخبيث، والخبائث جمع الخبيثة، وكأنه عليه الصلاة والسلام أراد بذلك ذكور الشياطين وإناثهم.
وقد صرح جماعة من أئمة الحديث أنه بإسكان الباء في كلمة (الخبْث) منهم: أبو عبيد القاسم بن سلام، واختلف الذين رووا سكون الباء في كلمة الخبث في معناه، فقيل: الخبث: الشر، وقيل: الكفر، وقيل: الشيطان، أما الخبائث فقالوا: هي المعاصي؛ لأنها جمع معصية.
والمعروف عند غيرهم من العلماء أنه بضم الباء في كلمة الخبُث، والمعنى ذكران الشياطين وإناثهم.
وقال ابن الأعرابي: الخبث في كلام العرب المكروه، فإن كان من الكلام فهو الشتم، وإن كان من الملل فهو الكفر، وإن كان من الطعام فهو الحرام، وإن كان من الشراب فهو الضار.