إن من تلك الإجراءات: تحريم البذاءة والفحش من القول، ومنها تحريم سوء الظن بالمسلم، ووجوب حسن الظن بالمسلمين، خاصة إذا سمع الإنسان أحداً يقذف أحداً في عرضه، فيجب على الذي يستمع وجوباً مؤكداً بالقرآن الكريم أن يقول له: إذا لم تأت بأربعة شهداء فأنت عند الله من الكاذبين، أنت عند الله كاذب.
فلا ينبغي أبداً للمسلم الذي يخشى الله سبحانه وتعالى في أي مجلس وفي أي ظرف أن يتكلم بكلمة واحدة أو حرفاً في المشاركة أو الإقرار في قذف عرض أي مسلم معصوم، إلا إذا كان هناك أربعة شهود وتحققت شروط هذه الشهادة، وإلا فيجب عليك أن تقطع كلامه وأن تواجهه وأن لا تستحي منه، بل تجهر بقول الله تعالى: {فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمْ الْكَاذِبُونَ} [النور:13] قل له: أنت كاذب مهما ادعيت صدقك حتى لو كان هذا الشخص من أعدل الناس عندك، متى ما تجرأ على الخوض في أعراض الناس وليس معه الشهود الشرعيون فإنك تقول له: أنت كاذب بنص القرآن (فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمْ الْكَاذِبُونَ).
والعلماء ذكروا أنه لو شهد أربعة رجال على الفاحشة بكل شروطها المطلوبة شرعاً، ثم حينما أتى بهم القاضي أو الحاكم واستشهدهم فشهد ثلاثة شهادة قاطعة ومؤكدة، والرابع تلعثم فإن الأربعة يقام عليهم الحد بالقذف، أي: لو أن ثلاثة شهدوا لا يجوز لهم أن يتكلموا، وإذا تكلموا فإنه يقام عليهم حد القذف، فالأربعة إذا شهدوا وواحد منهم تلعثم وتردد ولم يجزم بالشهادة المطلوبة فالجميع يقام عليهم الحد؛ لأن أمر الأعراض -كما ذكرنا- ليس بالأمر الهين، فينبغي أن تعلم خطورة القذف أو الطعن في عرض المعصوم وكيف تكون آثاره متعدية تتوقف لا على المرأة ولا على الرجل، بل تتعدى إلى العائلة كلها، وإلى كل من يمد لهم بقرابة، فمثل هذا الأذى ومثل هذا العدوان شرع الله سبحانه وتعالى فيه مثل هذه الإجراءات الصارمة لحفظ كرامة المرأة والرجل، ومن هذه الإجراءات تحريم قذف المؤمن أو المؤمنة بالفاحشة، وتشريع العقوبة الزاجرة لمن يفعل ذلك.