من المعلوم أن الإنسان يحصل على المعلومات إذا كانت بطريق النظر بنسبة تسعين في المائة، ويحصل على المعلومات عن طريق السمع كما أن العين تجذبها الحركة أكثر من أي شيء آخر.
وإذا أرادنا أن نستشعر خطورة قضية هذا الجهاز علينا أن نسأل أنفسنا، لماذا تتسابق أمريكا وفرنسا والعالم الغربي على أن يبثوا إلينا البث المباشر؟! ليس هذا فحسب بل يعطونه إيانا منحة وهدية، لماذا؟ هل يجمعون الضرائب من مواطنيهم من أجل أن يتصدقوا علينا، وهل يريدون بنا الخير والسلامة والعافية، أم أنهم هم الذين قال الله تبارك وتعالى فيهم: {أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ} [البقرة:221]؟ نعم هؤلاء هم الذين قال الله تبارك وتعالى في حقهم: {وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الغَيْظِ} [آل عمران:119]، وقال: {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة:217]، وهم الذين قال الله فيهم: {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} [آل عمران:118].
سؤال آخر نسأل أنفسنا إياه يبين لنا خطورة هذا الجهاز، التلفزيون ليس مجرد جهاز كهربائي موجود كغسالة أو ثلاجة أو نحوهما، كلا.
إن التلفزيون موجه تربوي وله رسالة يؤديها، وليس مجرد تسلية، إنه موجه يوجه الناس إلى أهداف محددة، وإذا أردنا أن نستشعر خطورة التلفزيون كأقوى جهاز إعلامي ينطبق عليه المثل القائل: فإنك شمس والملوك كواكب إذا طلعت لم يبد منهن كوكب إذا سمعت عند حدوث أي انقلاب عسكري في أي مكان في الدنيا فإن أول ما يبدأ به الانقلابيون هو الاستيلاء على الإذاعة والتلفزيون، لماذا؟ لأن بهما يمكن أن توجه الجيوش التي لم يتمكنوا منها من بعد، هذا الجهاز الذي يسميه بعض الإعلاميين بالمخدر الكهربائي، بل المخدرات التي يدمنها الناس يقعون في أسر هذا الجهاز، ذلك الأسر الذي لا يضاهيه سوى الأسر العسكري، لكن الأسر العسكري إذا قدر لصاحبه الخلاص منه خرج مرفوع الجبين، أما من يقع في الأسر التلفزيوني فإنه يوم يتمكن من الفرار والإفلات من الشاشة فإنه يمضي مهدود القوى نادماً ولا يكاد أن يرفع له رأس.