يخاف اليهود وأعداء الإسلام عموماً من أي صبغة إسلامية للجهاد ضد اليهود، وتكثر تصريحاتهم جداً في هذا الأمر، تقول صحيفة يدعوت أحرنوت في سنة (1948م): إن على وسائل إعلامنا ألا تنسى حقيقة هامة هي جزء من استراتيجية إسرائيل في حربها مع العرب، وهي أننا نجحنا في إبعاد الإسلام بعيداً عن المعركة إلى الأبد، ويجب منع استيقاظ الروح الإسلامية بأي شكل، ولو اقتضى الأمر الاستعانة بأصدقائنا لاستعمال العنف والبطش لإخماد أي بادرة ليقظة الروح الإسلامية في المنطقة المحيطة بنا.
وهذه المقالة مناسبتها: أن اليهود لما اقتحموا لبنان واحتلوها حصل نوع من الاستبشار الشديد جداً والحفاوة بين نصارى لبنان واليهود الذين خرجوا من فلسطين، فعملت مقابلة تلفزيونية مع سعد حداد؛ لأنهم أبرزوا معالم الفرح التي عمت قرى النصارى بسبب احتلال اليهود للبنان.
وقالوا: إن هذا التصرف الطائش الذي فعله التلفزيون وأظهر على الشاشة فرحة النصارى بقدوم اليهود في لبنان، تسبب في ردة فعل عنيفة بين المسلمين في لبنان وغيرها، وحرك فيهم الروح الإسلامية؛ لأن الروح الإسلامية تنظر من هذا المنظار، وهو أن هذه أرض الله، وهذه أرض أنبياء الله، وهيكل سليمان لماذا يبنى من جديد وقد نسخت شريعة سليمان؟ والدعوة التي كان يدعو بها سليمان وداود وموسى وجميع أنبياء بني إسرائيل هي دعوة محمد عليه الصلاة والسلام، وهي امتداد لها، فهذا هو الحق، ولا ينظر بهذا المنظار إلا صاحب العقيدة، الذي هو واثق أنه إما أن يعيش في سبيل العقيدة وينصرها، وإما أن يموت فتكون له الجنة.
فهم يخافون جداً من استيقاظ الروح الإسلامية، ولذلك تستمر الصحيفة وتقول: لقد وقع تلفزيوننا في خطأ كاد ينسف كل خططنا؛ لأنه تسبب في إيقاظ الروح الإسلامية، ونخشى أن تستغل الجماعات الإسلامية هذه الفرصة لتحريك المشاعر ضدنا، وإذا فشلنا في إقناع أصدقائنا بتوجيه ضربة إليها في الوقت المناسب فإن على إسرائيل أن تواجه عدواً حقيقياً لا وهمياً، حرصنا أن يبقى بعيداً عن المعركة.
إذاً: حتى اليهود يعرفون تماماً أن العدو الحقيقي الذي سوف يتصدى لهم هم هؤلاء المسلمون الذين يعتقدون أن الواحد منهم إذا قتل يهودياً أو قتله يهودي دخل الجنة، وهكذا يصرح اليهود أيضاً.
ويقول أيضاً برجن دروستن، في مقال نشرته (صنداي تيليجراف) في سنة (1978م) يقول: إن أكبر خطر يرتكبه الغربيون هو عدم تفكيرهم بضرورة التدخل العسكري المباشر في المنطقة في حالة عجز الأنظمة الصوتية عن كبح جماح المتطرفين المسلمين؛ لأن خطرهم لا يقارن بأي خطر آخر مهما كان.
وجريدة القبس الكويتية نقلت عن وكالات الأنباء أنها قالت: إن ديان قال في خطاب له أمام يهود أمريكا: إن على أمريكا والغرب أخذ العبرة من أحداث إيران التي يمكن أن تهب بشكل مفاجئ في غيرها كتركيا وأفغانستان، وأكد أن عدوه الأول هو الإخوان المسلمون، وأنه في الوقت الذي تشعر فيه إسرائيل أن العرب في فلسطين بدءوا يتمسكون بالاتجاهات الإسلامية المتعصبة فستقذف بهم بعيداً؛ لينظموا لإخوانهم اللاجئين: أي: أنه يهدد الفلسطينيين في فلسطين، أنهم إذا تعاطفوا مع الحركة الإسلامية فسنقذف بهم بعيداً حتى ينظموا إلى طابور اللاجئين في البلاد العربية.
وأيضاً قالت صحيفة (كمشلر الفيجلر) التي تصدر في ألمانيا الغربية: على الغرب إذا أراد المحافظة على مصالحه في الشرق الأوسط أن يبدي مرونة في تفهم مقاصد الاتجاهات الإسلامية.
وبعدما قتل السادات قال أحد القادة في صحيفة الـ (جروزاليم بوست): إن ظهور حركة اليقظة الإسلامية بهذا الصورة المفاجئة المذهلة قد أظهرت بوضوح أن جميع البعثات الدبلوماسية، وقبل هؤلاء جميعاً وكالات الاستخبارات الأمريكية كانت تغط في سبات عميق.
وأيضاً: في مقابلة مع صحيفة (ها آرتس)، في 12 من فبراير سنة (1979م) قال مسئول يهودي: إن الذي يثير قلقنا هو أن مواقف العرب داخل إسرائيل بدأت تتحول من مواقف مبنية على قاعدة قومية إلى مواقف تستند إلى قواعد دينية.
فلماذا يستكثرون علينا أن نغار على ديننا وأن نحامي عن ديننا، ودولتهم دولة دينية يهودية مبنية على دين باطل ومنسوخ ومحرف؟! فهم يحرصون تماماً على إبعاد الإسلام؛ لأن هذا هو العدو الحقيقي الذين يعرفون أنه سوف يهزمهم، وسوف يبيدهم.
ثم قال المسئول اليهودي: إن خطراً حقيقياً بدأ يهدد الاستقرار في الشرق الأوسط، وقسماً كبيراً من إفريقيا، هذا الخطر هو خطر انتشار ثورة إسلامية شاملة، يقوم بها متدينون متطرفون.
وقال شارون - السفاح المعروف - في ندوة في جامعة تل أبيب سنة (1976م): ما من قوة في العالم تضاهي قوة الإسلام من حيث قدرته على اجتذاب الجماهير، فهو يشكل القاعدة الوحيدة للحركة الوطنية الإسلامية.
وقال يوشواح بوراك: إن المساجد هي دائماً منبع دعوة الجماهير العربية إلى التمرد على الوجود اليهودي.
وأيضاً: يقول مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض بريجنسكي: إن الولايات المتحدة بحاجة إلى دراسة جديدة حول الحركات الإسلامية المتشددة؛ ليسهل على الإدارة الأمريكية وأصدقائها في المنطقة الإسلامية مراقبتها عن كثب؛ حتى لا تفاجئ باندلاع ثورة إسلامية جديدة في أي مكان في العالم الإسلامي؛ لأن أمريكا حريصة على عدم السماح للإسلام بأن يلعب دوراً مؤثراً في السياسة الدولية.
وأيضاً ذكرت صحيفة القبس الكويتية سنة (1979م) أن مجلس الأمن القومي الأمريكي طلب من هيئة المخابرات البريطانية تزويد الإدارة الأمريكية بكل ما يتوافر لديها من معلومات تتعلق بالحركة الإسلامية؛ للاستعانة بها في وضع الخطط الكثيرة للقضاء على خطرهم قبل فوات الأوان.
وأوردت وكالة الأنباء الفرنسية في نبأ لها من بيت المقدس في فبراير سنة (1979م) أن السلطات اليهودية قامت باعتقال اثني عشر عالماً من علماء المسلمين -ومعظمهم من الشباب- في بيت المقدس.
وجاء في جريدة اسمها (فورتشون) ما يلي: إن صحوة الإسلام الجديدة تزعج الإسرائيليين كثيراً؛ فإسرائيل تعرف تماماً أنه إذا فشلت محادثات السلام مع مصر فإنها سوف تكون هدفاً لحرب الجهاد المقدس التي ستشنها الصحوة الإسلامية المتزايدة.
ثم قالت: إنه حتى في الجامعات العبرية في إسرائيل بدأ الطلاب العرب المسلمون يطلقون لحاهم، ويؤدون العبادات الإسلامية، في حين بدأت الفتيات المسلمات في ارتداء الزي الإسلامي الشرعي.
فالعدو الحقيقي لم يواجهوه حتى الآن، وهم لا يخافون إلا هذا العدو، فكان لابد من التنبيه إلى أن المنطلق ينبغي أن يكون من العقيدة، أما أن واحداً يسعى وراء اليهود أو أمريكا حتى تعطيه قطعة أرض في قطاع غزة أو في الضفة، فهذا ليس صاحب قضية، بل هذا طالب ملك، وطالب دنيا، وحتى لو أقام دولة فسيقيم دولة علمانية! فهؤلاء أصحاب المنظمات يقولون: سوف نقيم دولة علمانية لا دين لها، وتراهم كما حكينا عنهم لا يعتزون بعقيدة الإسلام، بل ينتمون إلى كل الألوان ماعدا الإسلام.
فالقضية ليست قضية فلسطينيين، بل هي قضية مسلمين، فينبغي أن يكون المنطلق من خلال العقيدة، فعقيدتنا أن الإسلام هو دين الله، وهو الحق الوحيد في هذا الوجود، وما عداه فهو باطل، والأرض لله يورثها من يشاء.
فأرض فلسطين هي أرض الأنبياء، ونحن أولى بموسى وداود وسليمان وعيسى من اليهود والنصارى الذين يزعمون أنهم يحبونهم.
فهناك ارتباط وثيق جداً لقضية فلسطين بقضية العقيدة، واليهود يقولون: إن هيكل سليمان سوف يعاد، فلماذا يعاد؟ ولماذا يُهدم المسجد؟ هل لأننا مسلمون فقط وهم يهود؟! فنحن الآن نريد ألا يعبد في هذا المكان -المسجد الأقصى- إلا إله سليمان وإله داود وإله موسى وعيسى ومحمد عليهم جميعاً وعلى نبينا الصلاة والسلام.