وفي الجهة الأخرى فإن الملائكة يبغضون الكفار، ويتبرءون منهم، كما قال تعالى: {أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [البقرة:161].
وكلما ازداد كفر الإنسان اشتد بغض الملائكة له، كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث: (لما أدرك فرعون الغرق قال: آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين، يقول جبريل: فلو رأيتني يا محمد! وأنا آخذ من حمأ البحر فأدسه في فيه مخافة أن تدركه الرحمة)، وهذا من شدة بغض جبريل عليه السلام لفرعون عدو الله عز وجل.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال أبو جهل: هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ -أي هل يأتي أمامكم ويسجد على التراب- قيل: نعم، فقال: واللات والعزى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته فأتى الخبيث أبو جهل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، يريد أن يطأ على رقبته، فما فجئهم إلا وهو يركض على عقبيه، ويتقي بيديه، فقيل له: مالك؟! فقال: إن بيني وبينه خندقاً من نار وهولاً وأجنحة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً) رواه مسلم.
ويقول عز وجل: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الأنفال:50]، وهذه براءة من الكفار.
وكذلك أهل المعاصي من المسلمين بقدر ما يتلبسون من المعصية والمخالفة تبغضهم الملائكة، يقول عليه الصلاة والسلام: (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح)، رواه البخاري.
وكذلك تاركو الهجرة بدون عذر، قال عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً} [النساء:97].