أما الأحياء الغيبية فالملائكة، وأشرف صفات الملائكة هو العبودية، كما قال تعالى: {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} [الأنبياء:26]، وهم مختلفون في وظائفهم، كحملة العرش، والكرام الكاتبين، وخزنة الجنة، وخزنة النار، والموكلين بقبض الأرواح، والموكلين بالسؤال في القبر إلى آخر هذه الوظائف، لكنهم جميعاً مشتركون في صفات حميدة منها: الطهر الكامل، كما قال تعالى: {لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة:79]، والطاعة الكاملة والخضوع لله، كما قال جل وعلا: {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:6]، وقال سبحانه: {لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} [الأنبياء:27].
أما إيمانهم بالله فدل عليه قوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ} [آل عمران:18]، وقال عز وجل: {لَكِنْ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ} [النساء:166]، وقال: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [غافر:7].
وهم يصلون أيضاً بأنفسهم، أو يصلون مع المؤمنين، ففي حديث الإسراء يقول عليه الصلاة والسلام: (فرفع لي البيت المعمور، فسألت جبريل، فقال: هذا البيت المعمور، يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم)، رواه البخاري، يعني: كل يوم يدخل البيت المعمور سبعون ألف ملك مرة واحدة فقط في كل الزمان، فالذي يدخل مرة لا يدخل مرة ثانية، ومعناه: أن كل يوم يدخل سبعون ألف ملك جديد إلى البيت المعمور.
ويقول تعالى عنهم: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ} [الصافات:165 - 166] (الصافون) يعني: صفوف الصلاة، لذلك كان عليه الصلاة والسلام يقول للصحابة: (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها، يتمون الصف الأول فالأول، ويتراصون في الصف)، وهذا رواه البخاري.
كذلك يشاركون المؤمنين في الصلاة، كما قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أمن الإمام فأمنوا، فإن من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه)، وهذا رواه البخاري، كذلك روى البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد الملائكة، يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا الصحف، وجاءوا يستمعون الذكر)، يعني: يحضرون مجالس الذكر.