كذلك أيضاً جاء أن الذئب تكلم في زمان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بكلام يفيد أن الذئب عنده اعتقادات معينة، فمثلاً: هو يعتقد أن الرزق بيد الله سبحانه وتعالى، بل إن الذئب أمر راعي الغنم بتقوى الله.
ويفيد الحديث أيضاً أن الذئب عالم بنبوة رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فهذه قصة حصلت مع راعٍ من الرعاة، وكانت سبباً في دخوله الإسلام كما سنبين، ولذلك ذكرها العلماء في باب علامات صدق نبوة النبي صلى الله عليه وسلم.
والقصة ذكرها البخاري في صحيحه بلفظ: (بينما رجل في غنمه إذ عدا ذئب فذهب منها بشاة، فطرده حتى استنقذها منه، فقال له الذئب: يا هذا! استنقذتها مني، فمن لها يوم السبع يوم لا راعي لها غيري؟ فقال الناس: سبحان الله! ذئب يتكلم؟! فقال صلى الله عليه وسلم: فإني أؤمن بذلك أنا وأبو بكر وعمر)، ونحن لا نريد المعاني المجازية الآن، لأن بعض إخواننا ألف رسالة مستوحاة من هذا الحديث، سماها: (عندما ترعى الذئاب الغنم)، يقصد بها حكام المسلمين في هذا الزمان.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (عدا الذئب على شاة فأخذها، فطرده الراعي فانتزعها منه، فأقعى الذئب على ذنبه، وقال: ألا تتقي الله تنزع مني رزقاً ساقه الله إلي؟! فقال: يا عجبي! ذئب مقعٍ على ذنبه يكلمني كلام الإنس؟! فقال الذئب: ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟ محمد عليه الصلاة والسلام بيثرب يخبر الناس بأنباء ما قد سبق، قال: فأقبل الراعي يسوق غنمه حتى دخل المدينة، فزواها إلى زاوية من زواياها ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره -أي: حكى له قصة الذئب هذه- فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنودي: الصلاة جامعة، ثم خرج فقال للراعي: أخبرهم بما حدث معك، فأخبرهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: صدق والذي نفسي بيده!) وهذا قطعاً يسد باب المجاز، إذ لو كان مجازاً فلماذا تعجب الراعي؟ ولماذا آمن بنبوة الرسول عليه السلام؟ هل لأنه إذا رأى الذئب يقول: سبحان الله! ويستدل به على الخالق سبحانه وتعالى؟