والركن الثاني: أن يكون العمل مشروعاً شرعه الله سبحانه وتعالى، فتأتي به أنت وفق ما شرعه الله عز وجل.
ويقابل ذلك الابتداع في الدين، كأن يعمل الإنسان عبادة لم يشرعها الله سبحانه وتعالى، وإنما يخترعها هو من نفسه ويتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى، وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، فمن ظن أن حب الرسول إنما هو أغان وأناشيد يمدحونه بها ويفنون نهارهم وليلهم في ذلك فقد أخطأ، فهذا ليس سبيلاً للقربة إلى الله عز وجل، والذين يزعمون أن التقرب إلى الله إنما هي أحزان يقضون ليلهم ونهارهم فيها، ويضربون صدورهم، ويلطمون وجوههم، ويصيرون العام أحزاناً متوالية ويظنون أنهم يتقربون بذلك إلى الله عز وجل كما يحدث في كثير من ديار الإسلام، فهذا أيضاً بدعة ما أنزل الله بها من سلطان.
نعم قد يحزن الإنسان لكنه فترة ثم تمضي، فقد يحزن الإنسان لموت عزيز، أو لموت قريب، أو لموت صالح ثم تمضي الأيام وينسى، لكن أن يجعل الحزن عيداً كما تفعل بعض الفرق الضالة من المسلمين فهذا ضلال، فكلما جاءت مناسبة موت أحد جعلوه عيداً، فإذا جاءت مناسبة وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، أو وفاة علي بن أبي طالب، أو وفاة الحسن، أو وفاة الحسين، أو وفاة غيرهم من الرجال الصالحين في تاريخ أمتنا جعلوه عيداً.
والصالحون مئات وألوف، فلو أردنا أن نحزن لوفاة كل صالح منهم لما بقي لنا لحظة من الزمان نفرج بها.
ثم هذا مخالف لمنهج الله وللمنهج الذي كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته.
(من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، ومن ذلك إنشاء أعياد في الإسلام لمناسبات صالحة طيبة، فتجعل أفراحاً وأعياداً كأعياد المسلمين في عيد الفطر والأضحى، فكل هذا من الابتداع، وكذلك الصلوات التي يصطنعها بعض الجهال في عبادتهم وهي ليست مشروعة ولم يأت بها نص، أو يزعمون أن هناك أياماً يتقربون بها إلى الله أفضل من غيرها ولم يأت بذلك نص، كل ذلك من الابتداع في الدين.
وكذلك التقرب إلى الله في أمور فيها شيء من المعصية أو التكليف والالتزام بما لا يطاق، (فقد رأى الرسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً واقفاً في الشمس فقال: مال هذا؟ قالوا: هذا رجل نذر أن يقوم في الشمس ولا يجلس، وأن يصوم، فقال: مروه فليجلس وليستظل، وليتم صومه) فالصوم مشروع وعبادة، وأما الوقوف في حرارة الشمس فالله سبحانه وتعالى كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (غني عن تعذيب هذا نفسه).