وأسباب الجريمة موجودة، لكن ينبغي أن تعالج حتى تخف وتقل من المجتمعات، وفي بعض الأحيان تكاد تزول من المجتمع، أما إذا لم نعالج أسبابها فستبقى وستكثر، فعندما يرى الشاب وهو يسير في الشارع النساء عرايا كأنهن في غرف النوم مع أزواجهن فسيثرن شهوته وأعصابه، فليس عنده دين يحميه، فقد حطم الدين في نفوس كثير من الشباب، وحطمت الأخلاق، وضعفت مراقبة الله سبحانه وتعالى، ثم النساء يعرضن أجسادهن في الشوارع، ويعرضن شعورهن، عارية ظهورهن وصدورهن وسيقانهن، ثم يذهب إلى التلفزيون فيشاهد ما يشاهد، ثم يقلب الصحيفة فيرى ما يرى، ثم يريد الزواج فإذا براتبه لا يكفي لأجرة شقة، فلا يستطيع أن يتزوج، إذ ليس عنده المال الكافي، يطلب الحلال فلا يجده، وشياطين الإنس والجن كثيرون، ويرسلون الفاحشة ليثيروا الناس خاصة الذين لم يحصنوا أنفسهم بالإيمان، ولا يأتون إلى المساجد ليقووا إيمانهم وصلتهم بالله، ثم يقول البعض: إن الجريمة موجودة وستبقى موجودة.
- فنقول: هل عالجتم أسبابها؟ هل أعطيتم الجانب المعاكس الذي يقضي على الجريمة في النفس حقه في رقابة الله سبحانه وتعالى؟ هل وصلتم الناس بكتاب الله؟ أين التقوى والإيمان الذي إذا جاء الشيطان يوسوس قال له: لا، فالله يراك، وينظر إليك، وسيحاسبك بين يديه سبحانه وتعالى؟ وأين الخلق الذين يقولون له: لا تفعل؟ أترضى الفاحشة لأمك؟ أترضاها لأختك؟ أترضاها لقريبتك؟ لا يوجد شيء من ذلك، بل حطمنا ذلك كله.
فهناك شياطين يحطمونها، يحطمونها بالكلمة والمقالة والتمثيلية والمسرحية، ففي الشارع تحطم، وفي الحفلات التي تقام هنا وهناك تنتهك فيها الفضيلة وترتفع أسهم الرذيلة تحطم، فالفساد يعشعش هنا وهناك، وكل ذلك منتشر وموجود.
فعندما تنتشر الأقذار والأوساخ تكثر الميكروبات، ويترعرع فيها الشر، وتترعرع فيها الجريمة ثم بعد ذلك نقول: إن الجريمة ستبقى موجودة.
نعم، ستبقى موجودة، ولكن هناك فرق بين وجود ووجود، فإذا استأصلنا أسباب الجريمة ستقل الجريمة، ثم يأتي العلاج.