ينقضي شهر الصيام ولكن الصيام لا ينقضي، فقد شرع الله تبارك وتعالى صيام أيامٍ فيها أجر عظيم، وفضل كبير، ومن ذلك صيام ستة أيام بعد رمضان في شهر شوال، وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر).
وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم سر ذلك، وهو أن الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، فإذا صام العبد ثلاثين يوماً أو تسعاً وعشرين يوماً -وهي عدة شهر رمضان- فكل يوم بعشر حسنات، فيصير مجموع ذلك ثلاثمائة، فكأنه صام ثلاثمائة يوم، أو صام مائتين وتسعين يوماً، فإذا أتبع ذلك بصيام ست من شوال -وهي ستون حسنة- فكأنما صام السنة كلها؛ لأن العام إما أن يكون ثلاثمائة وبضعاً وخمسين يوماً وقد يزيد أو ينقص قليلاً، فإن صام شهر رمضان وأتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر كله، أي: العام كله.
ومن الأيام الفاضلة التي صيامها يكفر الذنوب، ويمحو الخطايا، ويرفع الدرجات: صيام يوم عرفة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر به السنة الماضية والسنة الآتية).
وكذلك صيام عاشوراء، وهو اليوم العاشر من شهر المحرم، وهو يكفر ذنوب وخطايا سنة ماضية، إلا أنه يستحب أن يصام يوم بعده أو يوم قبله.
وهناك صيام الإثنين والخميس، وثلاثة أيام من أول كل شهر أو من أوسط كل شهر، فإذا أحب الإنسان أن يزداد من الحسنات صام يوماً وأفطر يوماً، أو صام يوماً وأفطر يومين، كل ذلك شيء طيب، وليس الصيام هو الشيء الوحيد الذي يقربك إلى الله تبارك وتعالى، فميادين الخير كثيرة، وأبوابها مشرعة، والطرق إلى الله تبارك وتعالى الموصلة إليه كثيرة منها: الصيام والصلاة والزكاة والحج، ومنها الدعاء وقراءة القرآن، فأبواب الخير كثيرة وليست باباً واحداً.