إن جعل كلام الجماعة أو قائدها في درجة أعلى من النص الشرعي يعتبر قضية خطيرة ومزلقاً خطير.
فإذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم قولاً، والجماعة صدر عنها قول مخالف لقول النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الناس لا يعلمون كل شيء، ولا يبينون ما جاء من عند الله من الذي جاء من عند البشر، فيكون قانوناً عندهم أنه كلما تبنته الجماعة ينبغي أن يؤخذ به ولا يترك منه شيء، فإذا ترك فرد من الأفراد منه جزئية فإنه يخرج عن الجماعة، ولا يصبح فرداً منها، فهذا أمر خطير.
مثال ذلك حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم يخبر فيه أن كل مال أديت زكاته لا يسمى كنزاً، لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة:34] فمن تبنى العقل دون النص، فقال: المال الذي أديت زكاته يسمى كنزاً، فيواجه الأفراد بهذا، فلا يمكن أن تتغير آراؤهم وأقوالهم أبداً، لأنهم ملزمون بأن يتبعوا جميع ما قالته الجماعة، وما صدر عنها، والله سبحانه وتعالى ذم أقواماً قال في حقهم: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة:31] أي: لم يسجدوا لهم، وإنما اتبعوهم في تحليل الحرام وتحريم الحلال.
وفسر الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك لـ عدي بن حاتم عندما قال له: (يا رسول الله! ما عبدناهم.
قال: ألم يكونوا يحللون الحرام فتتبعوهم؟ ويحرمون الحلال فتتبعوهم؟ قال: نعم.
قال: فتلك عبادتهم).
فإذا كان الفرد أو القائد أو الرائد بشراً لا يحيط بالشريعة الإسلامية، ولا يتعمد مخالفتها، بل قد يخطئ أو ينسى، ثم نتبعه ونسير وراءه، ونعلم أن قول الرسول صلى الله عليه وسلم يخالف قوله فالمسألة خطيرة، وعندما يجعل كلامه مبدأ عاماً، وأنه لا يجوز الخروج عن الجماعة في جزئية من الجزئيات، يصبح الناس كلهم قالباً واحداً أو قوالب متشابهة.