إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يحدثنا أحد الصحابة رضوان الله عليهم وهو أسيد بن حضير أنه كان في ليلة من الليالي يقرأ القرآن، وكانت فرسه قريباً منه، قال: فقرأت فجالت الفرس، فلما سكت سكنت، ثم قرأت فجالت أي: تحركت حركة شديدة، ثم سكت فسكنت، قال: وكان ابني يحيى قريباً منها، فخشيت أن تطأه، فلما أبعدته نظرت إلى السماء فإذا ظلة فيها كأمثال المصابيح، ثم صعدت في السماء حتى اختفت، فجاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فأخبره بما كان منه وما رأى، فقال: (اقرأ يا ابن حضير قال: يا رسول الله! قرأت ولكن خشيت أن تطأ يحيى فقال: أتدري ما ذاك؟ قال: لا، قال: تلك الملائكة نزلت لقراءتك)، وأخبره الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لو استمر في القراءة لبقيت الملائكة إلى الصباح حتى يعاينها الناس لا تختفي منهم؛ وهذا حديث صحيح وهو مصداق الحديث الآخر الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: (وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده).
هذا الكتاب كلام الله تبارك وتعالى، أنزله إلى البشرية هدى ونوراً وفرقاناً وضياءً، فيه خيرهم، وفيه سعادتهم إذا هم أخذوه، وفيه شقاؤهم وهلاكهم إذا هم تركوه.
خير كتاب على وجه الأرض هذا الكتاب، خير كتاب منذ خلق الله الأرض، وإلى أن يرث الله الأرض، لم يوجد كتاب كهذا الكتاب قط، ولو اجتمع علماء الغرب وعلماء الشرق، وعباقرة الجن والإنس على أن يخرجوا كتاباً كهذا الكتاب لا يستطيعون أبداً، فما تخرجه المطابع، وما تنتجه القرائح لا يمكن أن يساوي شيئاً من هذا الكتاب.