الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فإن الإنسان الصالح هو ذلك المسلم المستقيم على طاعة الله تبارك وتعالى، والأمة الصالحة في ميزان الله تبارك وتعالى هي الأمة المسلمة المستقيمة على طاعة الله تبارك وتعالى، {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ} [فصلت:30]، {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:110].
إن الانحراف عن مسار الإسلام سبب في الهلاك والدمار، والحياة التي نحياها ونعيشها دار ابتلاء وامتحان واختبار يُبتلى الإنسان فيها ويختبر، فقد تكون الفتنة صغيرة، وقد تكون ضخمة كبيرة، وقد تكون الفتنة في المال أو الأهل أو الولد، وقد تكون الفتنة فرقة وخصومة، وقد يصل الخصام إلى أن تسل الأمة سيوف بعضها على بعض.
والمسلم في كل ذلك يبتلى ويمتحن ويختبر، يبتلى عندما تكون الفتنة نابعة من الأهل والمال والولد، ويبتلى عندما تكون الفتنة نابعة من الأمة، ويبتلى عندما تعصف الفتن بالأمة الإسلامية من خارجها، فالفتن أحياناً قد تكون من الأعداء الذين لا يريدون بالأمة الإسلامية ولا بالإسلام خيراً.
فقد تسفك الدماء، وتزهق الأرواح، وتستباح الحرمات، وتكثر الذنوب والمعاصي، والمسلم الصادق هو الذي يستقيم على طاعة الله مهما اشتد البلاء، ومهما اشتدت الفتن والمحن، والمسلم الصالح هو الذي لا يكون لديه نزعة شرور ولا فتنة، ولا تكون الفتنة نابعة منه؛ ولذلك جاء في وصف الصالحين أنهم مغاليق شر، مفاتيح خير، فالمسلم الصالح هو الذي يكون مفتاحاً للخير، ولا يكون مفتاحاً للشر، فبعض الناس لديه نزعة للشرور، ونزعة للفتن، فهو يثيرها ويؤجج نارها، فيصطلي بنارها كثير من الناس.
ومن صفة العبد الصالح أنه يخمد الفتنة في نفسه، ويخمد الفتنة فيمن حوله، ولا تكون عنده نزعة شر ولا نزعة فتنة.