وقام بعض المسلمين الذين احترقت قلوبهم ينادون بالإسلام ويقولون: يا مسلمون! عودوا إلى دينكم! عودوا إلى كتابكم! عودوا إلى ربكم! اعرفوا من أنتم، لقد ضيعتكم المبادئ، وفرقتكم العصبيات والقوميات! وفرقتكم الوطنيات والشيوعية، كل ذلك ضيعهم كثيراً، قال تعالى: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ} [البقرة:130 - 132]، أوصوا أبناءكم كما وصى إبراهيم ويعقوب بنيه: {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ}.
اصطفى لكم الإسلام، شعاركم: لا إله إلا الله محمد رسول الله، هذا شعار الدين، هذه هي الحقيقة التي ينبغي أن يعرفها أبناء المسلمين، وأن يربى عليها أبناء المسلمين، قال تعالى: {فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا} [البقرة:132 - 133]، وهو يموت وروحه تنزع يوصي أبناءه! الرسول صلوات الله وسلامه عليه وهو يفارق الحياة يقول للمسلمين: (الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم)، حافظوا على الصلاة، آخر ما يترك المسلم من دينه الصلاة، قام في المسلمين من ينادي: يا مسلمون عودوا إلى الله! تخلقوا بأخلاق الإسلام، واعرفوا عقيدة الإسلام، واعرفوا شريعة الإسلام، واهتدوا بهدي الإسلام، ولا يزلنكم الشيطان، وقامت جماعات هنا وهناك تنادي بالعودة إلى الله.
وقدر الله تبارك وتعالى أن تؤتي هذه الدعوات ثمارها، وقد جئت إلى الكويت في سنة ألف وتسعمائة وخمسة وستين هجرية وكنت آسى وأنا أمر على مساجد الكويت فلا أرى إلا كهولاً ليس فيهم شاب، وليس فيهم طفل، والمساجد مهجورة! وكنت أتعجب حتى وقفت مرة في أحد المساجد، وقلت لهم: يا ناس! أليس لكم أولاد؟! قالوا: لنا أولاد، قلت: أين أولادكم؟! لماذا لا يعرفون المسجد؟! لماذا لا يأتون إلى المساجد؟! ومرت السنوات وإذا -بحمد الله- بيوت الله تمتلئ بالناس، فهذا خير كثير، ورحمة من عند الله تبارك وتعالى وبشرى، وهذا ليس في الكويت وحدها، وإنما حيثما سرت في ديار الإسلام وجدت المساجد، ورأيت الناس يقبلون على الله، لقد تكشف للمسلمين الخداع والكذب والزور، هؤلاء الذين جاءونا قالوا لنا: اتركوا الإسلام تعزوا وتصلحوا، كذبوا علينا فاكتشفنا الكذب والخديعة، وعرفنا أننا حطمنا بيوتنا بأيدينا، وذلك عندما حاربنا الإسلام في الماضي، فعلمنا أنهم كذبوا علينا، وجربنا كل الطرق فما وجدنا فيها طريقاً واحداً سليماً، في كل مرة هزيمة، وفي كل مرة خديعة، وفي كل مرة كذب، فأيقن الناس أنه ليس لهم سبيل إلا إذا رجعوا إلى الله، ووجهوا وجههم شطر البيت العتيق، وتركوا وجهتهم نحو موسكو وواشنطن ولندن، وعادوا إلى كتاب الله لا إلى كتب الكفر والضلال، لكن الذي نطمع فيه أن يشد المسلمون الذين فهموا الإسلام بأيدي العاملين للإسلام.