تبرؤ الرؤساء من أتباعهم يوم القيامة وتحسر المتبوعين

ثم يعرض الله سبحانه وتعالى علينا مشهداً يحرك القلوب، ويجعل الناس يتفكرون في مصيرهم يوم القيامة، فينادي منادي الله سبحانه وتعالى: ((وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ))، أي: هؤلاء الذين أشركوا وعبدوا أمثال فرعون واتخذوا من دون الله أنداداً، وحكموا بغير شريعة الله {فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} [القصص:62]، أين هم؟ اليوم الرسول صلى الله عليه وسلم لا يزال ينادي في سنته: هلموا أيها الناس! إلى الله، وروسيا تقول: تعالوا إلينا، فعندي الحرية والحضارة والمدنية والكفاية، وأمريكا تقول: تعالوا إلينا، والقومية والاشتراكية تنادي، وكل هؤلاء يديرون ظهورهم للإسلام، لكن هؤلاء كلهم سيناديهم ربهم يوم القيامة: {أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ * قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} [القصص:62 - 63] من شياطين الجن والإنس والطواغيت الذين كانوا دعاة شر مثل فرعون في الحياة الدنيا: {رَبَّنَا هَؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا} [القصص:63] أي: هؤلاء كانوا تابعين لنا وطائعين لنا، ونحن الذين أضللناهم، وكم ستكون حسرة الضالين حين يسمعون الذين أضلوهم يقولون هذا الكلام: نحن أضللناكم وضيعناكم؟! {أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ} [القصص:63].

{وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ} [القصص:64] أي: نادوهم {فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ * وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} [القصص:64 - 65] أي: أرسلت لكم رسلاً من عندي يهدونكم إلى الصراط المستقيم ويدعونكم إلى توحيدي، فماذا أجبتم المرسلين؟ قال تعالى: {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمْ الأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَسَاءَلُونَ * فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ * وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [القصص:66 - 68].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015