ما العلاقة بين الشيطان والجان؟ الصحيح أن الشيطان الذي حدثنا الله عنه من عالم الجن، ومجمل ما في القرآن عن الشيطان أنه كان في بداية أمره مخلوق صالح يعبد الله سبحانه وتعالى مع ملائكة السماء، ودخل الجنة وعصى ربه سبحانه وتعالى عندما أمره بالسجود لآدم، فرفض حسداً وكبراً، فطرده الله سبحانه وتعالى من رحمته.
والشيطان في لغة العرب يطلق على كل عاتٍ متمرد، وقد أطلق على هذا المخلوق لعتوه وتمرده على ربه، وأطلق الله عليه لفظ الطاغوت، قال الله: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ} [النساء:76]، فالشيطان طاغوت، وكل إنسان يدعو إلى هذه الدعوة طاغوت؛ لأنه أيضاً متمرد عاتٍ، لكن الطاغوت الأكبر الشرك.
ومن الطريف أن العقاد في كتابه إبليس يقول: إن من الأسماء الشائعة عند كل الأمم لفظ إبليس يعني أنه ليس عند المسلمين فقط بل هو معروف عند اليهود والنصارى وغالبية أمم الأرض فإنهم يطلقون على الشيطان إبليس، وسمي إبليس من البلس وهو اليأس؛ لأنه يئس من رحمة الله سبحانه وتعالى، ويذكر بعض علماء السنة أن الشيطان كان قبل أن يكفر اسمه عزرائيل والله أعلم بمدى صحة هذا الكلام، فإنه لم يرد به حديث صحيح، وإنما هو كلام قد يكون مأخوذاً عن الإسرائيليات.
والشيطان مخلوق عاقل أي مدرك، وبعض الناس اليوم يفلسف الأمور ويقول: الشيطان هو روح الشر المتمثلة في غرائز الإنسان الحيوانية التي تصرفه إذا تمكنت من قلبه عن المثل الروحية.
وغير صحيح أن الشيطان يلعب بغرائز الإنسان، لكنه مخلوق عاقل مفكر واعٍ مفصح.
وبعض العلماء يرى أن الشيطان ليس من الجن، وإنما هو في الأصل من الملائكة ولكنه عصى الله سبحانه وتعالى فطرده الله عز وجل، وفي كثير من كتب التفسير أن الشيطان من الملائكة، لكن لم ترد نصوص صحيحة تصرح بهذا، ولكن نقل مثل هذا كثيراً جداً عن بعض علماء السنة، وابن كثير يذكر أن هذا الكلام الذي يقوله علماء السنة وغيرهم إنما هو من الإسرائيليات.
وأكبر حجة للذين يقولون بأن الشيطان من الملائكة قول الله سبحانه وتعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [البقرة:34]، فمن أساليب اللغة العربية أن المستثنى يكون من جنس المستثنى منه، فتقول: جاء الرجال إلا زيداً، فزيد من جنس الرجال، هذه حجتهم، لكن هناك استثناء في اللغة العربية يسمى الاستثناء المنقطع، وهذا الصحيح فيه أنه استثناء منقطع، والاستثناء المنقطع هو أن لا يكون المستثنى جزءاً من المستثنى منه كما تقول: جاء القوم إلا حماراً، فالحمار ليس من جنس القوم، وكذلك هنا فليس المراد أن الشيطان كان من جنس الملائكة؛ لأن الاستثناء منقطع، والدليل على هذا آية الكهف: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ} [الكهف:50]، فقد نص على جنسيته وأنه ليس من الملائكة {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [الكهف:50].
والشيء الآخر: أن الشياطين والجن مخلوقون من نار بينما الملائكة من نور وهذا فارق آخر.
والذي حققه ابن تيمية في هذه المسألة أن الشيطان كان من الملائكة باعتبار صورته وشكله وليس منهم باعتبار أصله.
إن آدم أبو البشر فهل الشيطان أبو الجن؟