من إعجاز الرسول صلى الله عليه وسلم: الإعجاز التشريعي، والإعجاز البياني، والإعجاز العلمي.
سلامة البشرية كلها هو في منهج الإسلام التشريعي، ويستحيل أن تسعد البشرية إلا تحت ظلال هذا الدين، وانبثاقاً من شريعته السمحة الشاملة الكاملة الخالدة، وفي كل قضية من قضاياها.
ومن أجل أن يبقى هذا التشريع مكتوباً له الديمومة والخلود والقدرة على حل المشكلات الطارئة في حياة الأمة؛ فقد جعل الله في هذا التشريع قواعد كلية وقضايا عامة، ثم كانت قضية الاجتهاد التي جاءت لنوعية خاصة من الناس، وهم الذين توافروا على هذا العلم فأدركوه لغة وفهماً للقرآن والسنة، ولمقاصد تشريعاته، فيأتي هؤلاء المجتهدون وقد أخذوا وعلموا علم اليقين تلك القواعد فيقيسون عليها الحوادث الجزئية الطارئة المتجددة، فيقولون الحكم في كل قضية تطرأ في حياتهم.
وإذا كانت هذه الشريعة قد اتسعت لأمة ضاربة من جاكرتا شرقاً إلى طنجة غرباً في يوم عزها، فإنها تستطيع أن تنقذ البشر اليوم بعد أن جرب ويلات البعد عن هذا المنهج، بل وويلات تطبيق المناهج الأخرى، وسيكون للشريعة قبول أكثر بعد أن جربت الأمم الجاهلية وويلاتها.
وما أكثر شهادة العلماء والعقلاء وذوي الحصافة حتى من غير المسلمين لنا في هذا الجانب، حتى أن ذكرها يعتبر من باب الأمور المألوفة التي سمعها الناس كثيراً، واستفاضت في أوساطهم، ولا مانع أن أذكر لكم كلمة بعد حوار أجريناه في مدينة من مدن ألمانيا في قضية الاقتصاد الإسلامي، وخرج معنا نخبة من كبار أساتذة الاقتصاد الإسلامي في العالم الإسلامي كله، خرجنا لنتحاور مع فريق من علماء الاقتصاد الغربيين، وكان على رأسهم عالم اسمه البروفيسور ألبخ، وهو من جامعة كولون في ألمانيا الغربية، وبعد حوار دام عشرة أيام في قضية اقتصادية، وقف هذا الرجل يقول: لست رجلاً شرقياً تحركني العواطف، ولكني رجل يلزمني إقراري بالحقائق العلمية، فأقول لكم: إن إنقاذ العالم من مأساته الاقتصادية هو من عندكم معشر المسلمين، لكني علمت من خلال استماعي لكم أن المنهج الاقتصادي مرتبط ارتباطاً عضوياً بالعقيدة الإسلامية، فكأنكم تقولون لنا: اسلموا لنحل مشكلتكم الاقتصادية.
هذا الرجل يفطن لما لم تفطن له كليات التجارة في عالمنا الإسلامي، التي تقرر قضايا الربا وقضايا أخرى فيها انحراف معين.