إن الله عز وجل أثنى على نساء كريمات في كتابه، وأثنى الرسول صلى الله عليه وسلم على نساء كريمات في أحاديثه، فقد أثنى الله على امرأة فاضلة وهي آسية امرأة فرعون، فقال تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنَ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [التحريم:11] آمنت بموسى وهي ملكة مصر، فخلد الله ذكرها في كتابه، وذكر الله مريم في كتابه فقال: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم:12]، وبرأ الله الصديقة بنت الصديق من فوق سبع سماوات عندما اتهمت بالفحشاء، حيث أنزل براءتها في القرآن في سورة النور: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور:11]، وجاءت امرأة تجادل رسول الله صلى الله عليه وسلم في زوجها فاستمع الله إلى كلامها من فوق سبع سماوات، وأنزل في شأنها قرآناً يتلى، حيث جاءت خولة بنت ثعلبة تجادل رسول الله صلى الله عليه: (يا رسول الله! إن زوجي أوس بن الصامت في حال الغضب قال: أنت علي كظهر أمي، يا رسول الله! إن لي منه صبية صغاراً، إن ضممتهم إلي جاعوا، وإن ضممتهم إليه ضاعوا، فيقول لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أراك إلا قد حرمت عليه، فقالت: أشتكي إلى الله ما نزل بي وبصبيتي، فأنزل الله من سورة المجادلة: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة:3]) إلى آخر الآيات، فالله عز وجل ما قال: هذه المرأة لا قيمة لها، وإنما أنزل قرآناً في شأن النساء كما أنزله في شأن الرجال، واعتبر الذين تلفظوا بكلمة على امرأة عفيفة -وهي عائشة - بهتاناً عظيماً.
فالإسلام لا ينظر إلى المرأة نظرة مختلفة عن الرجال كما يزعم المرجفون، والإسلام لم يأت ليرفع طبقة على طبقة، ولم يأت لتكون العزة للعرب، أو لبني هاشم أو لقريش على غيرهم، أو لأمة على أمة، أو لجنس على جنس، أو للرجل على المرأة، أو للمرأة على الرجل، وإنما جاء الإسلام بشعار، {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13].