إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
إن الله تبارك وتعالى يري عباده في كثير من الأحيان آياته؛ لتكون دليلاً على قدرته، وليتعرف الناس على ربهم تبارك وتعالى، فالعباد في كثير من الأحيان يغفلون عن الله، فيذكرهم الله تبارك وتعالى به.
ومن الآيات المحزنة في هذا العصر أن المسلمين قد ذلوا وهانوا، حتى ظن الظانون أنها لن تقوم للمسلمين قائمة، فلقد لعب بهم أعداؤهم، واستطاعوا أن يدجنوهم ويركعوهم، ثم يأتي يوم يظن الأعداء -الذين يتمثلون اليوم في دول كبرى تحكم العالم، وتملك من القوى ما لم يملكه غيرها- أن المسلمين أصبحوا صيداً سهلاً، وأن ديارهم أصبحت حلالاً، فإذا بهم يغزون جزءاً من بلاد المسلمين يظنونها متعة، فتتم العملية في يوم، أو في أسبوع، أو في شهر، ثم يعودون غانمين إلى ديارهم من غير أن يخسروا شيئاً من جيوشهم أو من عتادهم، إذ يكفي في ظنهم أن اسمهم دولة كبرى ودولة عظمى، وأن هذا وحده كفيل بأن يجعل الرعب يملأ القلوب، فيستسلم الذين غزيت ديارهم، ويسجدوا مطأطئين هاماتهم لأعدائهم.
وكانت آية من آيات الله في هذا القرن، وهي أن قوماً ضعافاً لا يملكون من المال الكثير، ولا يملكون من القوة الكثير، ولكنهم أعلنوها مدوية أن حربهم إنما هي لله، وإنما هو جهاد في سبيل الله، غزت روسيا أفغانستان منذ سنوات، ومر على القضية زمن طويل فقام فئة من المسلمين ما كنا نسمع بهم، ولا نعيرهم التفاتاً قبل أن يقوموا، وما كنا نعرف مدنهم وقراهم وطبيعة بلادهم وحالهم، فقد كانوا نسياً منسياً من المسلمين، ثم تغزو روسيا هذا البلد، ويظنون أنهم سيضمونها إلى بلادهم، أو سيضمونها إلى ما ضموا من ديار المسلمين في الماضي، ففي روسيا عشرات الملايين من المسلمين يعيشون أذلاء لا يملكون من أمرهم شيئاً، بل إن تاريخ روسيا مع المسلمين تاريخ أسود.