ارتفع عنه إثمه فقد غفر له بهذا الشرط الذي هو التقوى، والصيام الذي يباعد الله به وجه صاحبه عن النار سبعين خريفاً هو الذي يورث التقوى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [(183) سورة البقرة] يعني ما الفائدة من حج تنتهك فيه المحرمات، ويتطلع فيه إلى الغرات، أو صيام لا يصان عن الكذب والغيبة والنميمة والبهت وأكل أموال الناس؛ والوقوع في أعراضهم، نعم، ((من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)) وما الفائدة من صلاة لا تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر، فالعبادة التي تترتب عليها آثارها، وتمحى بها الذنوب هي المصاحبة للتقوى، نعم هذه الأعمال إذا أديت ولو ارتكب صاحبها محرماً لا يتعلق بأصل الحج، ولا بشرطه، العبادة صحيحة، بمعنى أنها مسقطة للطلب، لا يؤمر بإعادتها، وكذلك الصلاة، وكذلك الصيام، عبادات مسقطة مجزية، مسقطة للطلب؛ لكن هل تترتب عليها آثار؟ هي مقبولة عند الله -جل وعلا-؟ {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(27) سورة المائدة] الشخص الذي يرجع من صلاته بعشرها مثلاً، هل يرجى بمثل هذه الصلاة أن تكفر ما بينها من الذنوب؟ العبادات المكفرة هي التي يؤتى بها على الوجه المطلوب.
شيخ الإسلام يقول: شخص يصلي بصلاة لا يرجع إلا بعشر أجرها، هذه إن كفرت نفسها بركة، يكفي أنها تكفر نفسها، والله -جل وعلا- إنما يتقبل من المتقين، والمراد بنفي القبول هنا نفي الثواب المرتب على العبادة، لا نفي الصحة، الصلاة صحيحة، فلا يؤمر بإعادتها، وقل مثل هذا في الصيام والحج وغيرها من العبادات.