قد يقول قائل: هل يعيش الناس بدون سؤال؟ أما بالنسبة لما وقع من الحوادث والنوازل سواءً كانت العامة أو الخاصة لا بد من سؤال أهل العلم عنها، امتثالاً لقوله -جل وعلا-: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ} [(43) سورة النحل] ولذا سأل الصحابة أسئلة يحتاجونها، إنا لاقوا العدو غداً وليس معنا مدى؟ المقصود أن السؤال عما يحتاج إليه مما هو متحقق الوقوع إما واقع أو متحقق الوقوع هذا لا بد من السؤال، ولذا جاء الأمر به {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [(43) سورة النحل] شخص فعل محظور من محظورات الحج هل يتجه إليه قوله -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [(101) سورة المائدة] يقال له: يا رجال لا تسأل، تسأل شيخ يقول: عليك دم، لا تسأل عن شيء تخسر نفسك، يتجه إليه هذا السؤال؟ لا، لا يتجه إليه، إنما يتجه إليه قوله -جل وعلا-: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ} [(43) سورة النحل] فلا نخلط بين هذا وهذا، الكلام في السؤال عما لم يقع، إما على سبيل التعنت وتعجيز المسئول، وإظهار عجزه، أو على سبيل المراء والجدال، أو على سبيل الترفع والتعالي، قد يحصل من بعض السائلين يسأل ليبين منزلته، وأنه يسأل هذا السؤال الغريب الغامض المعجز، أو ليظهر عجز المسئول أمام الناس، ولذا جاء النهي عن الأغلوطات، يعني المسائل العويصة الصعبة التي لم تقع، وعموماً السؤال عما لم يقع كان السلف يتحاشونه، السلف يتحاشون السؤال عما لم يقع، ويسألون السائل: وقعت هذه المسألة أو ما وقعت؟ إذا وقعت أجابوه، مع أنهم يتدارؤن الجواب، كل واحد يبعثه إلى الآخر، يحيل على الآخر، يأتي إلى ابن عمر يقول: اذهب إلى ابن عباس، يأتي إلى ابن عباس يقول: اذهب إلى ابن مسعود وهكذا، بينما نجد من يبادر بالجواب ولو لم يُسأل، تجد طالب علم بحضرة شيخ كبير يُسأل الشيخ يبادر هذا الطالب بالجواب، فهل هذا علامة توفيق؟ والله ليست علامة توفيق، ما دام لك مندوحة يا أخي أنت معافى؛ لأن الفتيا لها تبعة، وأنت مسئول أمام الله -جل وعلا- عن عجلتك بالفتيا وأنت لم تتأهل، إذا وجد من يكفيك احمد ربك، لا