أهل العلم في هذا الراوي، لا شك هذا دونه خرط القتاد، لا نستطيع أن نحاكي أئمة يحفظ الواحد منهم سبعمائة ألف حديث، عجزت البرامج أن تحفظ هذه الأعداد، ولا نصف هذه الأعداد.
على الإنسان أن يعرف قدر نفسه، يتعلم على الجادة، ويأخذ العلم بالتدريج، وإذا تأهل أن يقارن ويوازن بين حكم الإمام أحمد، وحكم أبي حاتم إن استطاع أن يرجح له ذلك، ولا أحد يمنعه، وقل مثل هذا في الاجتهاد في المسائل الفرعية، يعني مناداة طلبة مبتدئين لا يحسنون شيئاً من العلم، وما عرفوا مبادئ العلوم يقال لهم: اجتهدوا تفقهوا من الكتاب والسنة، هذا تضييع، هذا تضييع له؛ لكن إذا تأهل طالب العلم ففرضه الاجتهاد، والذي يتعين عليه أن يدين الله -جل وعلا- بما يوصله إليه اجتهاده بعد النظر في أدلة المسائل من الكتاب والسنة، وبعد النظر في أقوال فقهاء الأمصار لئلا يشذ ويأتي بشذوذات لا يوافق عليها، وقد يخرق الإجماع وهو لا يدري، المقصود أن مثل هذا الطلب يعني توجهه إلى المنتهين أنا عندي أنه له وجه.
أما توجيه هذا الكلام إلى الطلبة المبتدئين أتصور أنه تضييع لهم، إذا تأهل طالب العلم فهذا فرضه، أما إذا لم يتأهل ففرضه ما جاء في قول الله -جل وعلا-: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [(7) سورة الأنبياء].
هذا يقول: أهل المدينة بانتظار درس شهري في المدينة، وطلاب الجامعة يتمنون أن تستقروا في المدينة، ولا يخفاكم أجر السكنى فيها؟
لا يخفى ما جاء من قوله: ((المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون)) نصوص كثيرة بفضل المدينة؛ لكن ليستحضر الطالب الذي يستحضر هذه النصوص تفرق الصحابة في الأمصار بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني هل الصحابة يخفاهم مثل هذه النصوص؟ أو تفرقوا لينفعوا في بقية الأمصار؟ يعني لو أن العلماء كلهم خوطبوا بمثل هذا، وكلهم اجتمعوا في المدينة وتركت الأمصار، لا شك أن الفائدة والنفع يعني تفرق علماء الأمة في أقطارها لينفع الله بهم وينتشر النفع، والسكنى إلى الآن ما بعد استقر الأمر على شيء، نسأل الله -جل وعلا- أن يعيننا وإياكم على ما ينفعنا في ديننا ودنيانا.