بعض الناس يترك الكتب المعروفة في البلد والتي تداولها أهل العلم وذلولها لطلابهم، وتداولوها ولا يصعب فيها شيء، إلى كتب لا تذكر عندنا، بل موجودة في بلدان أخرى. . . . . . . . . لكن قد يشكل عليهم شيء لا يدرون له حلاً.
فهؤلاء الذين اجتمعوا وقرؤوا شروحهم، وقرؤوا الشرح من قبل أهل العلم، ونظروا في الحواشي، ثم بعد ذلك حضروا الدرس عند الشيخ، ماذا بقي مما يستفاد من الشيخ بعدما ما صنعوه من حفظٍ وشرح وقراءة للشرح ومناقشة، وقراءة للحاشية؟ يأخذون ما عند الشيخ من زيادة، وفي الغالب أن الشيخ اطلاعه على المسائل سواءٌ كان بسعة اطلاع أو من كثرة التعليم، لا شك أنه يفوقهم بهذا، مع الإنصات يحضرون الدرس عند الشيخ مع الإنصات والأدب، وعدم الكبر والعجب؛ لأن بعض الإخوان يحضِّر الدرس، يقرأ الدرس قبل الحضور، ثم يحضر عند الشيخ، ثم إذا جاء الشيخ بالمبتدأ سبقه بالخبر، مثل هذا ما الدافع له أن يفعل مثل هذا؟ الذي يغلب على الظن أنه من أجل أن يعرف الشيخ أنه مطلع، وأن يعرف زملاؤه أنه يفوقهم، وهذه حقيقة مرة، لا يفلح معها الطالب، وكذلك لا يفلح الطالب إذا اعتمد على الدرس فقط، فلا يعرف الكتاب إلا في الدرس، فمثل هذا قلَّ أن يفلح، وقد نص على ذلك أهل العلم، العلم متين لا بد له من حفظ وفهم ومدارسة ومراجعة، على الطريقة التي ذكرناها، ثم يحضر الدرس ويسأل عما يشكل عليه، مجتنباً في ذلك الآفة الكبرى، العائق عن التحصيل وهي الكبر والعجب، وأن لا يستحيي عن الاستفهام عما يحتاجه وما لا يفهمه، ولذا يقول مجاهد: "لا يتعلم العلم مستحي ولا مستكبر".
فإذا حضر الدرس يناقش الشيخ بكل أدب واحترام، طالباً بذلك المعرفة، لا يطلب بذلك التعالم، ولا يطلب بذلك تعجيل الشيخ، وإذا قُدر أن الشيخ طرح بعض الأسئلة فأجاب عنها كغيره من الطلاب فحسن، ثم إذا انتهى الدرس اجتمع هؤلاء الإخوة، وتناقشوا فيه، ماذا حفظت؟ ماذا فهمت من شرح الشيخ؟ ما الذي زاد عندك بعد درسنا؟ إلى آخره، هذه تسمى مذاكرة العلم.