لطافة أجسام الملائكة من هذه الحيثية، باعتبار أنه يستطيع أن يصل ويقطع هذه المسافة في لحظة، لطافة هذه الأجسام النورانية باعتبار أنها قادرة على التشكل بأشكال مختلفة، فجبريل يأتي النبي -عليه الصلاة والسلام- أحياناً على صورة رجل كما في الحديث الذي ذكرناه آنفاً، ((أحياناً يتمثل لي الملك رجلاً)) وكثيراً ما يأتي على صورة دحية الكلبي، يتشكل على صورة رجل، وأحياناً .. ، وقد رآه مرتين على هيئته وخلقته ستمائة جناح، ستمائة جناح قد سد الأفق، بل قالوا: إن واحداً من هذه الأجنحة سد الأفق، هذه لا شك أنها أمور مهولة تدل على عظمة الخالق وقدرته، ثم بعد ذلك البحث الذي يذكر في كتب الشروح أن القدر الزائد ما بين الخلقة الأصلية ستمائة جناح سد الأفق، وما بين مجيئه على هيئة رجل أو في صورة رجل أين يذهب هذا الزائد؟ هذا البحث لا شك أنه عقيم، إيش معنى عقيم؟ لا يترتب عليه نفع لا في الدنيا ولا في الآخرة، والاسترسال فيه ضرب من العبث، وإلا أطال الشراح في هذا الزائد إلى أي شيء يصير؟
مسكن الملائكة السماوات، وينزلون في مناسبات، وينزلون أيضاً لأمور وكلت إليهم، ينزلون ليلة القدر {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} [(4) سورة القدر] وينزلون للقتال مع المسلمين، كما حصل في بدر، والله -جل وعلا- يكلفهم بما يشاء، وجبريل ينزل على الرسل بالوحي وإلا فالأصل أن المسكن السماوات.
الملائكة: هم عباد الله المكرمون، والسفرة بينه تعالى وبين رسله -عليهم الصلاة والسلام-، وهم كرام خلقاً وخُلقاً، وهم بررة، طهرهم الله وقدسهم ذاتاً وصفةً وأفعالاً، هم مطيعون لله -جل وعلا-، خلقهم الله -جل وعلا- من النور، خلقهم من نور، كما في الحديث الصحيح: ((خلق الملائكة من نور، وخلق الجن من النار، وخلق البشر مما علمتم))، أو ما عرفتم، يعني من طين.
ليسوا بناتاً لله -عز وجل- كما يقوله المشركون، ولا أولاداً، ولا شركاء، ولا أنداد، تعالى الله عما يقول الظالمون والجاحدون والملحدون علواً كبيراً.