من الأمثلة ما ذكره السخاوي في فتح المغيث، قال: "إن الرئيس المتطبب يوسف بن عبد السيد بن المهذب إسحاق بن يحيى الإسرائيلي، يهودي، المعروف بابن الديان، سمع الحديث في حال يهوديته، مع أبيه من شمس الدين محمد بن عبد المؤمن الصوري" هو سمع الحديث حال يهوديته، طيب قد يقول قائل: كيف يستفيد وهو يهودي؟ بأي نية يطلب الحديث وهو يهودي؟ قال السخاوي: "وكتب بعض الطلبة اسمه في الطباق" الطباق تدوين الأسماء، أسماء الطلاب الذين حضروا على هذا الشيخ من أجل أن يجيزهم بالرواية عنه "وكتب بعض الطلبة اسمه في الطباق في جملة السامعين، فأنكر عليه" أنكر على هذا الطالب الذي كتب هذا اليهودي في الطباق، وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن ذلك فأجازه، قال: اكتبوا اسمه، لأن كتابة اسمه ما تضر، وكونه يتلقى في حال كفره، هذا لا يمنع وتلقيه للعلم في حال اختلال الشرط صحيح، لكن العبرة فيه في حال الأداء، عندنا حال تحمل وحال أداء، حال التحمل للعلم ولو كان فاسقاً، يتحمل العلم ويطلب العلم لكن بعد ذلك لا يقبل منه هذا العلم حتى تنطبق عليه الشروط، فيصح تحمل الكافر، يتحمل العلم، وفي الصحيحين وغيرهما أن جبير بن مطعم أتى في فداء أسرى بدر وهو كافر، فسمع النبي -عليه الصلاة والسلام- يقرأ في صلاة المغرب بالطور، تحمل حال كفره، ثم لما أسلم أدى هذه السنة فقبلت عنه، خرجت في الصحيحين وغيرهما.
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن ذلك فأجازه، ولم يخالفه أحد من أهل عصره، بل ممن أثبت اسمه في الطباق الحافظ المزي، -رحمه الله تعالى-، ويسر الله تعالى أنه أسلم بعد، وسمي محمد، وأدى وسمعوا منه، وممن سمع منه الحافظ شمس الدين الحسيني، وغيره، نقول: هذا طبيب وغير مسلم يُسمع منه الحديث، ومع ذلك يكتب اسمه في الطباق، ومع السامعين لكن لا تقبل روايته حتى يسلم، لأن من شرط الرواية العدالة، والكافر ليس بعدل.