والسيوطي يقول إنه يحفظ أكثر من مئتي ألف حديث، كيف صار المحلي إمام من أئمة الشافعية؟ كيف صار؟ هناك طريقة لمن هذه صفته، إذا عجزت استعمل القلم، اكتب ما تريد حفظه، راجع عليه الشروح وعلق عليه، ومن كثرة المداولة يثبت في ذهنك، يثبت في ذهنك، مقومات التحصيل الحفظ والفهم، قد يجتمعان في شخص، وقد يفقدان من شخص الكلية يصير فدم، ما يفهم ولا يحفظ، هذا يسلك العلم يثبت له أجر السلوك والطريق ويقرأ نظر ويردد القرآن ويذكر الله -جل وعلا- ولا يحرم من الأجر.

لكن بعض الناس عنده حافظة قوية، وبعضهم ضعيفة، لكن الفهم عنده قوي، نقول لمثل هذا: امسك القلم، وكثر الأوراق اقرأ الفاتحة واكتب الفاتحة، وراجع عليها التفاسير، وانتق من تفسير ابن كثير على الفاتحة، ومن تفسير الشيخ ابن سعدي، ومن تفسير الشيخ فيصل بن مبارك، ومن فلان ومن فلان تجتمع عندك تصور للتفسير إجمالي، يعني تستطيع تكون لديك أهلية بأن تفهم هذا الكلام ولو احتجت إلى تفسيره تستطيع، يعني عندك -على ما يقول الناس- خلفية، ولو لم يكن من ذلك إلا من كثرة هذه المعاناة رسخ في ذهنك ما كتبت وما قرأت؛ لأن العلم متين يحتاج إلى معاناة، يحتاج إلى حفر في القلوب.

أقول مثل هذا الذي لا يستطيع أن يحفظ يعمد إلى كتاب صعب، ما أقول روح إلى منار السبيل، ولَّا منهج السالكين، ولا كتاب سهل، لا، نقول: اذهب إلى أصعب الكتب من المتون الفقهية، خذ زاد المستقنع -مثلاً- أو مختصر الخليل -إن كنت مالكي-، الذي كلامه أشبه ما يكون بالألغاز، شوف ما قال الشراح حول هذا الكلام، وتصور الكلام واكتب ما تصورت، واكتب ما راجعت، وراجع كب اللغة إن عجزت عن معنى كلمة، راجع عليه كتب لغة الفقهاء؛ لأن الفقهاء لهم لغة صنفت فيها الكتب، راجع عليه الكتب التي هي أسهل منه، بحيث إذا فهمت هذا الكلام الصعب انتقش في قلبك، والذي لا يثبت في القلب إلا بصعوبة فإنه حينئذ لا يخرج منه إلا بصعوبة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015